IMLebanon

هل يكون رئيساً… على مستوى المهمات الوطنية؟

مِن حق التيار الوطني الحر وأنصاره أن يملأوا الشوارع والساحات رقصاً وصخباً، احتفالات وخطابات، فرحاً بوصول العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا، وتحقيق الطموح المزمن لزعيمهم، والذي كان حتى الأمس القريب بمثابة «الحلم المستحيل»!

مِن حق قادة التيار العوني ومؤيديهم، أن يشقوا عنان السماء بصراخهم وشعاراتهم وهتافاتهم، مباهاة بفوز الجنرال بأكثرية الثلثين من أصوات النواب، ومن الدورة الأولى، كما هو مرجّح اليوم، بعدما تلاشى خوفهم من وجود مرشّح منافس، وتخليهم عن الممانعة السابقة بعدم النزول إلى مجلس النواب في حال بقي النائب سليمان فرنجية مرشحاً في السباق الرئاسي.

لا بدّ من الاعتراف بأن اليوم الأخير من تشرين الأوّل هو يوم «النصر الكبير» للعونيين بعد وصول رئيسهم إلى الرئاسة الأولى، وعودته إلى القصر الجمهوري الذي أخرجته منه الطائرات السورية بقوة الحديد والنار، واضطرته للجوء إلى السفارة الفرنسية، قبل 26 عاماً!

قد تستمر الاحتفالات العونية ساعات أو أياماً، لا فرق، ولكن ماذا بعدما تهدأ الفرحة وتروح السكرة، على قول المثل الشعبي، ويبدأ العمل الجدي لإطلاق ورشة عمل حكومية وإدارية، إصلاحية وإنمائية، طال انتظار اللبنانيين لها، وفاقم الشغور الرئاسي، وتداعياته السياسية في تعطيل المؤسسة التشريعية، وفي محاصرة فعالية مجلس الوزراء، في تعميم حالة التسيّب والفراغ!

* * *

ولعل الرئيس العتيد وكبار معاونيه، يُدركون أكثر من غيرهم، أن الطريق إلى قصر بعبدا ليس مفروشاً بالورود والرياحين، وأن جحيم التحديات والصعوبات التي تحيط بانطلاقة العهد، هو أشبه بحقل ألغام، يتطلب عبوره بسلام الكثير من الحذر والحكمة.

ولعل أولى التحدّيات التي ستواجه الرئيس هي العمل على تشكيل حكومة العهد الأولى بسرعة، ولكن من دون تسرّع، حتى تكون، بقدر الإمكان طبعاً، بمستوى فريق عمل متجانس، ولو بالحد الأدنى، مع أهمية العمل على بلورة رؤية متقاربة، إذا لم تكن مشتركة بين رئيسي الجمهورية والحكومة، حول الأولويات الواجب التصدّي لها!

تكليف الرئيس سعد الحريري أمر مفروغ منه، ولا منّة لأحد فيه، نتيجة الاستشارات النيابية الملزمة، ولكن اختبار النوايا الحقيقي يبدأ منذ الساعات الأولى للبحث في صيغة تأليف الحكومة، والفترة الزمنية اللازمة لإنجاز التشكيل.

وبمعنى آخر، هل ستتكرر التجارب المريرة في التأليف التي حصلت مع الرئيسين نجيب ميقاتي وتمام سلام، أم أن ولادة الحكومة الحريرية ستتم خلال أسابيع لا تتعدّى أصابع اليد الواحدة، إذا لم يكن قبل ذلك؟!

هل ستتكرّر لعبة الحقائب السيادية والخدماتية، وخاصة حقيبة الطاقة، التي عطّلت تشكيل الحكومتين السابقتين بضعة أشهر، أم أن ثمة تسهيلات فعلية لتسريع الولادة الحكومية؟

ولكن يبقى المؤشر الأول والأخير لمدى نجاح انطلاقة العهد، يتعلق بقدرة العماد عون على أن يكون رئيساً لكل اللبنانيين، وحكماً في النزاعات السياسية، لا رئيساً لفريق نيابي، ولا زعيماً لطائفة، ولا طرفاً في الصراعات الداخلية، ولا داعياً لقانون انتخابات على شاكلة المشروع الأرثوذكسي!

فهل يتحرّر الجنرال من الحسابات الحزبية والفئوية والطائفية، ليكون رئيساً على مستوى المهمات الوطنية التي تنتظره؟