شريط الفيديو الذي بثته وسائل الإعلام اللبنانية هو شريط مريع يظهر فيه ميشال سماحة وهو يتحدث عن نقل المتفجرات من دمشق الى لبنان لتفجير اماكن «بعض السنّة في لبنان» وكان يأكل فاكهة ويؤكد ان بشار الاسد وعلي المملوك وحدهما على علم بما أعدوه من جريمة لزرع الفتنة والحرب الاهلية في لبنان. كيف يمكن ان يقوم هذا الرجل الذي لعب دوراً سياسياً في لبنان وكان من المجتمع اللبناني المثقف وتربطه علاقات وثيقة بفرنسا ومسؤولي استخباراتها بتنفيذ هذا المخطط لبشار الأسد وجماعته لتفجير أبناء وطنه؟ هذا الرجل ذات الاطلالات العديدة على شاشة «المنار» التابعة لـ «حزب الله» والذي كان يعطي دروساً في الوطنية والعروبة كان يريد تفجير وقتل المئات من ابناء بلده، كما فعل الذين قتلوا سمير قصير وجبران تويني بنوعية المتفجرات نفسها.
ان من المذهل ان هذا الرجل الذي كان يدق أبواب كبار الصحف والمجلات ووسائل الإعلام الفرنسية لنشر خبر على صفحاتها وتغطية زيارات الأسد وزوجته الى باريس والذي كان له دخول حر الى قصر الرئاسة الفرنسية لمقابلة أمينها العام في عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي كلود غيان هو الذي نقل متفجرات في سيارته من دمشق الى لبنان لقتل لبنانيين. رحم الله وسام الحسن الذي تم اغتياله لانه كشف الجريمة وأوقفها قبل حدوث الكارثة الكبرى. فقد كان الحسن يعرف منذ اشهر ان سماحة يدبر لجريمة مروعة في لبنان وأراد إيقافها فتم اغتياله كمعاقبة له على انقاذ البلد من كارثة في حين ان الحكم الذي صدر على سماحة من المحكمة العسكرية هو بالسجن اربع سنوات ونصف السنة فقط. حكم معيب. ان هذا الحكم هو تأشيرة للإجرام والتفجير والارهاب. فماذا عن السجناء من ارهابيي نهر البارد وغيرهم في طرابلس وأماكن أخرى في لبنان، فهل يحكم على كل ارهابي بعقوبة مثل عقوبة سماحة ويصبح البلد ارض الارهاب في وقت يزعم «حزب الله» ان حربه في سورية لمكافحة الارهاب ومنعه من الدخول الى لبنان؟
قضية محاكمة سماحة لا يمكن ان تكون قضية ٨ أو ١٤ آذار فهي تعني جميع اللبنانيين لان الارهاب هو عدو كل لبناني. فلو نفذ سماحة جريمته كما قال في شريط الفيديو في احياء السنّة لكانت الفتنة والحرب الاهلية اشتعلت في كل الاحياء السنّية والشيعية والمسيحية. فأي لبناني شريف لا يمكنه قبول مثل هذا الحكم المعيب الذي ينبغي كسره ومراجعته. الكل كان يعلم ان سماحة هو رجل الاستخبارات السورية وتربطه علاقات ببعض اوساط الاستخبارات والسلطات الفرنسية، حتى انه احياناً في عهد غيان كان يشكو اليه بعض الديبلوماسيين الفرنسيين في لبنان مدعياً انهم على اتصال اكثر بـ ١٤ آذار مما جعل هؤلاء يلتقونه لتفادي استياء سلطاتهم العليا. وعندما جاء بشار الاسد لزيارة ساركوزي الى باريس استقبل في فندق اقامته الرئيس اللبناني آنذاك ميشال سليمان وكان ميشال سماحة الى جانب الاسد. فكان الاسد يريد اذلال لبنان بالايحاء بأن سماحة الذي يعمل لمصلحة سورية يستقبل معه رئيس لبنان. الا ان الاسد لم يكتف بذلك بل استخدم سماحة لتنفيذ الجرائم ووضع متفجرات في لبنان معتقداً ان النظام السوري ووكلاءه اللبنانيين سيمنعون كشف هوية المجرم مثلما اعتقدوا لدى قتل رفيق الحريري وكل شهداء لبنان. ولكن الشهيد وسام الحسن كان قائداً ماهراً وحريصاً على أمن بلده وكشف عن الجريمة ودفع حياته ثمناً.
كان ينبغي ان تسمح السلطات اللبنانية بنشر شريط الفيديو الذي يتحدث فيه سماحة عن تدبير جريمته وذلك قبل اصدار الحكم. وتجدر الاشارة الى ان سماحة يحمل الجنسية الفرنسية لكونه قدم خدمات عديدة لهذا البلد، فهل تكون للقضاء الفرنسي كلمة في هذه القضية؟ وهل تبقي السلطات الفرنسية الحريصة على مكافحة الارهاب لسماحة جنسيته الفرنسية؟