Site icon IMLebanon

هل يقرّر عون النزول إلى المجلس ترجمة لقوله: “سيحكم التاريخ علينا بحسب أفعالنا”؟

بات واضحاً لجميع من في الداخل والخارج ان لا خروج من الازمات التي يتخبط بها لبنان إلا بانتخاب رئيس للجمهورية لأن جسماً بلا رأس يصيب كل اعضائه بالشلل، فهل صار مقاطعو جلسات الانتخاب مقتنعين بذلك؟

إن لـ”حزب الله” عذره اذا ظل يربط قراره بايران، لكن لا عذر للعماد ميشال عون في ان يستمر في ممارسة لعبة التعطيل التي تذهب بلبنان الى الفراغ الشامل ومنه الى الفوضى العارمة والمجهول، خصوصاً عندما يؤكد ان قراره مستقل وحر وغير مرتبط بأي خارج وهو يملك حرية اتخاذه. وهذا يحمّله مسؤولية اكبر حيال الوطن والمواطن، ويجعله مسؤولاً قبل غيره عن استمرار تعطيل انتخاب رئيس ودفع لبنان نحو المجهول لانه يصبح كمن يمسك الكرة بين يديه ولا يرميها في الملعب لتبدأ اللعبة.

واذا كانت لايران مصلحة في دفع لبنان نحو الفراغ الشامل الذي لا خروج منه عندئذ إلا بتعديل دستور الطائف او بتغييره، فأي مصلحة للعماد عون في ان يفعل مثلها؟ وهل هو واثق من استعادة حقوق المسيحيين في اتفاق جديد يكون بديلاً من اتفاق الطائف؟

لقد كان على العماد عون ان يترشح كمنافس للدكتور سمير جعجع ضمن المهلة الدستورية للانتخابات الرئاسية لا ان يلقي مؤيدوه بأوراق بيض في صندوق الاقتراع لتظل جلسات الانتخاب معطلة، وقد مضت على هذا التعطيل سنة واربعة اشهر. وكان عليه في ضوء نتائج التصويت ان يقرر إما الاستمرار في الترشح محاولاً كسب اصوات تمكنه من الفوز بالرئاسة في دورة اقتراع ثانية، وإما الاتفاق مع حلفائه على مرشح آخر منافس لجعجع اذا لم ينسحب هو الآخر لمرشح توافقي. هذه هي اللعبة الديموقراطية الصحيحة والسليمة التي كان يمارسها زعماء احزاب ونواب وسياسيون من قبل ولم يفكروا يوماً في تعطيل نصاب الجلسات لئلا يذهبوا بالبلاد الى الفراغ. حتى ان الخارج الذي كان يتدخل في الانتخابات الرئاسية لم يكن يتدخل لتعطيل الانتخابات كما يفعل الخارج اليوم، وتحديداً ايران، انما كان يتدخل لترجيح كفة مرشح على مرشح آخر.

والسؤال المطروح هو: ما الذي سيفعله العماد عون بعدما تأكد أن لا هو ولا سواه من الاقطاب الموارنة لهم حظوظ بالفوز بالرئاسة؟ هل لا يزال يأمل في ان يفرضه الخارج رئيساً للجمهورية، وهذا الخارج هو ايران اذا كانت تريد المضي في سياسة التوسع في المنطقة للتأكيد ان الاتفاق النووي لم يكن ضد هذا التوسع، ام ان العماد عون سيأخذ باقتراح البطريرك الكاردينال الراعي فترشح قوى 8 آذار من يستطيع الفوز بالاكثرية النيابية المطلوبة، وترشح قوى 14 آذار من ينافسه على منصب الرئاسة الاولى، فلا يظل صوت البطريرك الراعي كمن يصرخ في برية، ولا صوت الرئيس نبيه بريه كذلك؟

أما اذا كان العماد عون لا “يهضم” ترشيح من يسمى “حيادياً” للرئاسة الاولى لأن الحيادي في نظره هو أشبه بالفراغ… فلينزل الى مجلس النواب ويخوض معركة من يرشحه والعمل على توفير الاكثرية النيابية المطلوبة لفوزه. أما ان يستمر في الترشح ليستمر تعطيل النصاب وتبقى البلاد بلا رئيس الى اجل غير معروف وتحكمها حكومات داخل حكومة واحدة، ووزراء كل واحد منهم يعتبر نفسه رئيساً، فهو موقف غير مسؤول يحمّل كل من يتخذه تبعة التعطيل وتحويل لبنان دولة فاشلة لا يمكن حكمه إلا بوصاية عليه وكأنه لم يبلغ بعد سن الرشد. وعلى العماد عون ان يتذكر ما جاء في مقال له في صحيفة “الوول ستريت جورنال” وكان في باريس: “سيحكم التاريخ علينا جميعاً بحسب افعالنا”، فكيف سيحكم عليه التاريخ عندما يعطل انتخاب رئيس للجمهورية، وباصراره على الترشح للرئاسة ما دام حياً، ولا يفسح لمرشح آخر يكون أوفر حظاً منه بالرئاسة؟

إن لبنان اليوم هو اشبه بطائرة مخطوفة لا يعرف من فيها اين ستهبط بهم، أو بطائرة توقف محركها ويعمل الجهلة و”الداعشيون” على توقيف محركها الآخر لتسقط بمن فيها… إن قرار انقاذ لبنان بانتخاب رئيس للجمهورية هو في يد العماد عون ما دام يقول إن قراره حر وغير مرتبط بأي خارج، وانه اذا كان حقاً مع استعادة حقوق المسيحيين فاستعادتها تبدأ بانتخاب رئيس هو المسيحي الوحيد في المنطقة، وبعد انتخابه تصبح الابواب مفتوحة للبحث في كل الامور.