لا شك في أنّ الوضع الاقتصادي في سوريا بلغ حداً من الإنهيار بات منعكساً بشكل حاد على السوريين الذين ما زالوا في الداخل.
وكما بات معروفاً فإنّ لقمة العيش باتت عزيزة جداً، والناس يقفون في طوابير طويلة جداً ليحصلوا على مادة غذائية أساسية، وهيهات أن يجدوها، وأمّا الحصول على ليترات محدودة من المحروقات فهو أصعب من الصعب. ناهيك بالبنى التحتية التي لم يعد لها جدوى، حتى انّ الطرقات التي كانت أوتوسترادات باتت في حالٍ يرثى لها.
والأدهى قيام مجموعات من العصابات المنتفعة من مآسي الناس بفرض الخوات والاتاوات على المواطنين ومطاردتهم حتى في لقمة عيشهم.
وهذا ليس من نسج الخيال إنما هو جزء مما يردده المحسوبون على النظام من مثقفين وفنانين ومواطنين سوريين عاديين.
ومثال على ذلك الرسالة التي وجهتها الفنانة شكران مرتجى الى الاسد وتحدثت له فيها عن ما يحدث في سوريا من غلاء وانقطاع في التيار الكهربائي، وعن معاناة الشعب السوري.
وقالت شكران: «سيدي الرئيس.. الشعب تعبان ما في غاز ما في مازوت ما في بنزين ما في كهرباء آجارات بيوت وصلت لمئات الالوف ما في حليب اطفال وصل حق العلبة 11 الف ليرة سورية.. عملولنا بطاقة ذكية وبدك تكون عبقري لحتى تروح وتقدر تطالعها» الطرقات بشوية مطر صارت تغرق وتغرق معها ناس معترة معاشها يا دوب، هي البيوت فيها اهالي شهداء وجرحى ومخطوفين فيها سوريين صبروا كتير كتير اتحملوا الحرب لأنه الحرب كانت قدر ونحنا مؤمنين وبهمة جيشنا اللي لساته واقف بالبرد وبنخجل اصلاً ندفى وهنه بردانين قدرنا نتغلب ع كل عدو خارجي بس العدو الداخلي؟ تجار الحرب والازمة اللي معه مصاري بيدبر حاله اللي عنده واسطة بيزبط اموره بس الاغلبية شو يعملوا تعبنا وعود وعهود عالتلفزيونات والاذاعات».
وأضافت شكران: معقول اللي ما مات من الحرب يموت من القهر والبرد والغلا وتعبنا عتمة بدنا نطلع عالضو بيلبقلنا وبيلبق لبلدنا العظيم.
وإذا كان الموالون للنظام يصفون ان الحال في الداخل السوري تفتقر الى أدنى أسباب ومقوّمات الحياة، والرئيس السوري الذي يقول إنّ جيشه حقق انتصاراً على المعارضة، والايراني يقول إنّ إيران انتصرت على المعارضة، و»حزب الله» يقول نحن حاربنا وحرّرنا سوريا من الارهاب…
ليت هؤلاء يتفقون في ما بينهم على من «حرّر» سوريا! والحقيقة هي في مكان آخر: إنّ من حرّر سوريا هو الروسي، وطبعاً ليس مجاناً إنما لأهدافه ومطامحه.
أولاً- من الناحية العسكرية حققت روسيا هدفها الاستراتيجي بإقامة قاعدتين عسكريتين على المياه الدافئة في البحر المتوسط، وهو حلم منذ أيام القيصر بطرس الأكبر، والقاعدتان هما: قاعدة طرطوس البحرية وقاعدة حميميم الجوية.
ثانياً- حققت روسيا سوقاً لبيع سلاحها عبر الحرب السورية، صحيح أنّ سوريا في وضع إقتصادي ومالي صعب جداً ولكن بالديون والمال الايراني تسدّد ثمن السلاح الروسي.
ثالثاً- هناك إعادة الإعمار التي يطمح الروسي الى أن تكون له الحصة الوازنة فيها، وهذا مكسب مالي – إقتصادي – سياسي كبير لروسيا.
والزيارة التي قام بها بشار الى إيران هدفها طلب المزيد من المال، لأنّ وضع سوريا الاقتصادي لم يعد يتحمل المزيد، وهو سيتفاقم أكثر إذا لم يحصل على أموال، وهذا الوضع الاقتصادي يمكن أن يطيح النظام الذي لم يتعلم شيئاً من 8 سنوات حرباً… ولم تنتهِ الحرب بعد.
وما حدث في سوريا أول من أمس من تظاهرات ضد النظام في درعا هو دليل صارخ على أنّ الشعب يزداد رفضاً للنظام… علماً أنّ التظاهرات قامت إعتراضاً على إعادة نصب تمثال للرئيس الراحل حافظ الأسد، فإذا كان الموقف هكذا تجاه الرئيس التاريخي فكيف هو بالنسبة الى بشار؟!.