Site icon IMLebanon

هل تحصل مواجهات قاسية.. أم حلول وشيكة؟

الأحزاب توسّع ساحاتها وتستعرض جماهيرها

هل تحصل مواجهات قاسية.. أم حلول وشيكة؟

رفضت غالبية الطبقة السياسية تعميم اتهامها بالفساد من قبل المتظاهرين المعترضين على سياستها. أصر قادة وسياسيون على أنهم فوق الشبهات وحتى المحاسبة. فهم ليسوا فقط زوجة القيصر، انهم القيصر نفسه. فمن يجرؤ على المساءلة؟.

في المقابل أصر الشباب المعترضون على التعميم: «كلن يعني كلن». فـ «من كان منكم بلا خطيئة»… فلينسحب او يستقل او يعتزل.

بديهي الا تروق الطروحات والمعطيات الجديدة لمجمل الطبقة السياسية. بديهي أن تسعى لمحاربتها والتركيز على اخطائها وتجاوزاتها. بداهة ارتكاب الشباب للاخطاء والتجاوزات، ومع ذلك، ومن دون كبير اوهام وتوقعات، يتوقف بعض الناشطين في الشأن العام عند ابرز ما حققه حراك الشباب حتى اليوم. برأيهم ان «السياسيين في لبنان لا يهتمون لاحتقار الناس لهم طالما أنهم يخافونهم، او يخافون الخروج من القطيع الذي يقودونه. بالتالي فان مجرد تمرد الناس وكسرهم حاجز التردد والخوف، واسقاطهم الهالة التي يضعها السياسيون فوق سلطتهم، يعتبر اول انجاز». بعده تتعدد الانجازات لمن يريد أن يرى.

لقد أعاد الحراك الحيوية للشارع اللبناني. ففرض الناس أولوياتهم ومطالبهم الحياتية ووضعوا اهتماماتهم وهمومهم على طاولة النقاش. يقول أحد النواب السابقين ان «اهم انجاز للمتظاهرين أنهم غيّروا جدول أعمال السلطة وتفاهة خلافاتها واصرارها على تعطيل الدولة. صوّبوا الاهتمام على مطالبهم الاساسية واولوياتهم بالعيش الكريم بحده الادنى. بالتالي اربكوا كل الطبقة السياسية التي تخبطت في مواقفها بتأييدهم حينا ومحاولة احتوائهم وبتجاوزهم حينا آخر. بدعم مطالبهم مرة وانتقاد اساليبهم مئة مرة. باتهامهم بالعمالة والتلميح بدعم دول لهم، والتراجع لاحقا عن الاتهام. كل هذا قبل أن يفرضوا على تلك السلطة التوحد، بشكل او بآخر، لمواجهتهم».

فهل استنفار «الجماهير» المقابلة في ساحات الاحزاب والطوائف، جزء من عدّة المواجهة؟ فمما يجدر التوقف عنده، الاستنفار المفاجئ للساحات الحزبية. فتحت مناسبات ومسميّات مختلفة تستعرض قوى سياسية «جماهيرها». فبعد مهرجان «حركة أمل» في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر والحشود الكبيرة، «نزل التيار ع الارض» بالامس. واليوم سيكون موعد جماهير «القوات» بالتوجه الى معراب.

الجميع يقول لنا ساحاتنا ولنا جماهيرنا. لكن لمن يتوجه هؤلاء باستعراض احجامهم؟ وفي وجه من؟ في وجه الحراك المدني ام في مقابل بعضهم بعضا؟ ولتحصيل اي مطالب او تحسين اية شروط؟ وهل ما زال ممكنا لاية قوة سياسية ان تفترض أو تحلم بامكانية تعديل موازين القوى لصالحها بالحجم والعدد والقدرة على التجييش؟

يجيب احد السياسيين المخضرمين أن «القوة الوحيدة القادرة اليوم على التأثير بحجمها وحشدها هي قوة الشباب التغييريين الذين يخوضون مغامرة الاحتكام الى الشارع. كل ما سوى ذلك «نيكاتيف» لصور باهتة مكررة. فقد قامت كل القوى السياسية باقصى ما يمكنها القيام به وبات سقفها معروفا. التحدي هو ما يطرحه اليوم هؤلاء الشباب. وليس اكثر دلالة على أهمية هذه الانتفاضة، اذا جاز التعبير، سوى اهتمام كل العالم بها. وموقف الامم المتحدة ليس تفصيلا في هذا المجال، خصوصا عندما يتحدث بوضوح عن ايجابيات في الحراك تتمثل بظهور قطاع علماني».

في كل ذلك ما يؤشر إلى أن موازين جديدة فرضت نفسها على الساحة السياسية الداخلية. وأن الجميع مدعوون الى مراجعة دقيقة للتطورات ومحاولة القراءة جديا باحتمالاتها المفتوحة على تغيير في اكثر من باب ومجال. ويرجح السياسي أن تتبلور من الآن وحتى نهاية الاسبوع المقبل مآل الامور «وربما هي من المرات القليلة التي سيكون فيها للحراك الشعبي كلمة مفصلية في تحديد البوصلة. فاذا كان ما يتم تداوله صحيحا عن رغبة الشباب في التظاهر في التاسع من هذا الشهر أمام طاولة الحوار المفترضة واجبار المتحاورين على القيام بواجبهم في انتخاب رئيس عبر طرق ووسائل سلمية وديموقراطية، فاننا لا شك أمام مشهد علينا ترقبه. ذلك لا يعني توقع استسلام عتاة السياسيين لرغبات الحراك الشعبي ببساطة وحس ديموقراطي. وربما علينا توقع مواجهة قاسية مع قوى السلطة التقليدية التي لها اجندتها وحساباتها ومصالحها، وهي لا شك موضوعة اليوم تحت المجهر».