Site icon IMLebanon

هل يُدمّر جبران باسيل «العهد القوي» «التايتنيك» اللبنانيّة  

 

عندما جاء «العهد القويّ»، كما قيل للبنانيّين، أردنا جميعاً أن نستبشر خيراً، ولكن، لم تتطابق آمالنا مع رغبات ونزعات الوزير جبران باسيل، هذه المرّة لم يركب البلد البواخر التركيّة، يبدو أنّنا نركب «التايتنيك القويّة» التي قيل الكثير في قوتها وعظمتها، وغرقت في رحلتها الأولى، أيّها السّادة، نحن نغرق..

 

بوضوح شديد لقد خُدعنا، في بلد «على شِكْلو شَكْشكلو» لسنا متفائلين بتشكيل حكومة في المدى المنظور، بصراحة شديدة، لقد أوصلت «تحكّمات» الوزير باسيل تشكيل الحكومة إلى حائط مسدود، في اعتداء صارخ على صلاحيّات الرئاسة الثالثة وتدخلاته غير المسبوقة في تاريخ تشكيل الحكومات! وللمناسبة، هذه أزمة مفتعلة ومدروسة، خصوصاً انّها جاءت في لحظة لبنانيّة مشتعلة بفضيحة مرسوم التجنيس، هذا أسلوب «أزمة» تُنسي «أزمة» وهروبٌ إلى الأمام!

هنا، لا بُدّ من مناشدة الرئيس المكلّف سعد الحريري أن يخرج عن صمته إزاء هذا التدخّل في صلاحياته وفق الدستور اللبناني في تشكيل الحكومة، لم يحدث في تاريخ الحكومات اللبنانيّة منذ الاستقلال، حتى في زمن الاحتلال السوري أن تدخّل رئيس تيار أو حزب إلى حدّ فرض نفسه مقرّراً لأعداد الوزراء والأحجام فيرفض إعطاء هذا الفريق، ويفرض على فريق آخر، ما يحدث سابقة خطيرة جدّاً إن لم يضع لها الرئيس المكلّف حدّاً وإن لم يرسم على حدود صلاحياته ألف خطٍّ أحمر، «كلّفنا خاطركن» بالرئاسة الثالثة!

معظم الفرقاء يصرخون أنّهم يسهّلون عملية تشكيل الحكومة، في الحقيقة ليسوا كذلك، كلّهم مطّلعون ويعرفون وصامتون، تاركين حبل التعقيد والتعنّت سائبٌ على الغارب، واللبنانيون ليسوا أغبياء، هم خبروا طوال سنوات الحرب الأهليّة تناطح الفرقاء وتراشقهم، الجميع مدركٌ أنّ العقدة التي «فرملت» سرعة تشكيل الحكومة هي جبران باسيل، وإلا كيف نفسّر علاقته الصداميّة والسيّئة مع غالبيّة القوى السياسية الموجودة على الساحة، فهو على خلاف مع وليد جنبلاط، وعلى خلاف مع الرئيس نبيه بري، وعلى خلاف مع سليمان فرنجية، والآن على خلاف مع القوات، في «كلّ قرنة» لباسيل عقدة ومشكلة، فكيف يُسلّم فخامة رئيس الجمهورية صلاحياته الدستوريّة في التشاور مع رئيس الحكومة  في عمليّة تشكيل الحكومة بين يدي رئيس التيار الوطني الحرّ بعلاقاته الصداميّة مع معظم الفرقاء اللبنانيّين؟!

ما يحدث سيرتدّ سلباً على صورة «العهد القويّ» وهذه العرقلة «تنفّس» زخم الحديث عن انطلاقة «العهد القويّ»، «يا جماعة الخير».. نحن نشعر أننا في «التايتنيك» لحظة اكتشاف أنّها كل الحديث عن قوّتها الجبارة كان أكذوبة كبرى انكشفت عندما اصطدمت بجبل جليد!

هذا النوع التعطيلي من السياسات سيودي بلبنان إلى الهاوية، ولا يظنّن أحد أنّ ليس هناك عرقلات أخرى ستطفو على السطح لاحقاً، «تمثيل الجميع» في الحكومة إشارات يرسلها حزب الله كلّ يوم، وهو سيزيد التعقيد تعقيداً بإصراره على توزير «سُنّة إيران» في الحكومة، حكومة سعد الحريري في أول عهد الرئيس ميشال عون كان تشكيلها سريعاً، كان الجميع لاهثون خلف مراسيم النّفط، ويُراد للحكومة العتيدة أن تكون أداة تنفيذ مشاريع على طريقة «نفّذ ولا تعترض»!

«لأ، مش ماشي الحال»، ولن يمشي الحال على طريقة فرض البواخر التركيّة، وانتبهوا قليلاً «الشهر ورا الباب» وستطلع صرخة اللبنانيين في آب استعداداً للعودة إلى المدارس وهذا الموضوع لوحده قنبلة ستفجّر البلد، وقس على هذه الأزمة مثلها أزمات لا تعدّ ولا تحصى، من المؤسف أنّ «العهد القوي» تأخّرت إنطلاقته كثيراً، وما هو مؤلم أكثر أنّ رئيس تيار «العهد القوي» هو الذي يضع أحجار العثرات على سكّة انطلاقة هذا العهد عبر إصراره على تعطيل تشكيل الحكومة!