Site icon IMLebanon

هل يعتذر الحريري

يصطدم تفاؤل المشيعين لولادة حكومة قيصرية قبل عيد الاستقلال بمطالب لاعبي الداخل الذين استطاعوا حتى الساعة من فرض اجندتهم التعطيلية على مسار عملية التشكيل رغم الاتصالات الحثيثة الجارية لحلحلة العقد ورفع الفيتوات المتبادلة ،خصوصا بعد عودة الميثاقية الى ساحة الصراع من بوابة النقاش حول الطائف ومحاضره وما ارساه من قواعد وممارسات، قد تفجر بجدليتها انطلاقة العهد خصوصا بعد الكلام الايجابي من وثيقة الوفاق الوطني الذي ورد في خطاب القسم.

فالصورة الحكومية غير الواضحة، نتيجة اجماع مختلف الاطراف على عدم تأخير عملية التأليف، رغم المطالب المتضاربة، عبرت عنها النبرة العالية اللافتة في بيان تكتل الاصلاح والتغيير لجهة المداورة من جهة، في «لطشة» واضحة لرئيس مجلس النواب، والتشديد على اهمية التفاهم مع القوات اللبنانية وعدم التعرض له،في رد مباشر على كل ما ينشر عن تباينات وخلافات بين الرابية ومعراب، غامزا من قناة حزب الله، التي تقول المعلومات انه يعارض الى جانب الثامن من آذار اعطاء حقيبة اساسية للقوات اللبنانية، حيث تشير مصادر برتقالية إلى ان من استطاع الوصول إلى الرئاسة، وأنجز تفاهمات مع القوات والمستقبل وحزب الله، لن تعصى عليه مفاوضات تأليف حكومة، ومن الطبيعي أن نحاول تقريب وجهات النظر بين معراب والضاحية».

مصادر متابعة لاتصالات التشكيل رأت ان العقدة الحالية ثلاثية ابعاد، تتعلق الاولى بموضوع الحقائب السيادية ،حيث يرفض فريق الثامن من آذار اسناد اي منها للقوات اللبنانية معتبرين انهم غير ملزمين بالاتفاق المسيحي- المسيحي المبرم بين الجنرال والحكيم» حتى وان بقي البلد لسنة من دون حكومة»، وارتباطا بذلك مسألة المداورة في الحقائب حيث تظهر جليا العقدة الشيعية المتمثلة بالاصرار على حقيبة المالية من منطلق ان من يمسك بها يكون شريكا فعليا في التوقيع والسلطة، ذلك ان توقيع وزير المال ملزم لسير جميع المعاملات التي ترتب اعباء مالية على الدولة، الى جانب الرئيس المسيحي ورئيس الحكومة السني، ما يعني مثالثة مبطنة، وهو ما يؤكد عليه احد النواب الذين شاركوا في مشاورات الطائف واقرار وثيقته الوطنية.

وفي السياق ذكّرت مصادر الوطني الحر أنه في خلال مخاض تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام، فريق الرئيس بري هو الذي أثار المداورة وألزم الآخرين بها، «فأين المداورة في التشكيلة الجديدة برئاسة الرئيس سعد الحريري»، مشددة على أن الحكومة المنتظرة ليست نموذجية  ولا تعدو كونها حكومة انتخابات، مبنية على الحد الأدنى من الطموحات، وليس صورة العهد السياسية، لذلك الأولوية يجب أن تكون لإقرار قانون جديد للانتخاب تنجز الانتخابات النيابية على أساسه.

اما العقدة الثالثة والكلام للمصادر فهي في العودة الى نغمة الثلث الضامن، التي ترى المصادر المتابعة ان لا حاجة اليها اليوم بعدما انتفت مبررات وجودها واعتمادها، خلافا لما تراه الثامن من آذار التي ترى في ذلك ضمانا مقابلا لوجود رئيس حكومة وغالبية من خط الرابع عشر من آذار.

اوساط مقربة من التيار الازرق تبدي خشية واضحة عند الحديث عن التشكيل معيدة الذاكرة الى ما سبق انجاز انتخاب العماد عون رئيسا بايام، حيث سرت موجة من التصاريح والتسريبات عن تكليف للحريري دون ان يتمكن من التشكيل، متخوفة من ارتفاع حظوظ نجاح الشيخ سعد في تمرير تشكيلة حكومية مقبولة، مع استمرار بعض الاطراف في وضع العصي في دواليب المشاورات وفقا لحسابات الاجندة الخارجية، مقللة في هذا المجال من اهمية زيارة وزير الخارجية الايراني الى بيت الوسط واضعة الامر في الاطار البروتوكولي الصرف، وان اكتسبت رمزية خاصة بوصفها إشارة معبّرة الى واقع «تعايُش الضرورة»، الذي  يشكّل اختبارا لمدى إمكان تمدُّده الى ساحات أخرى، غير المخطَّط او المنسَّق له، بين الرياض وطهران تحت «سقف» العهد الجديد في لبنان، وسط محاولات خليجية ودولية بارزة لخلق توازن بين القوى الراعية للاستقرار اللبناني.

وفي هذا المجال تفصل الاوساط بين الموقف من ايران ومد اليد تجاه حزب الله ورسائل الود للسيد حسن نصر الله، بعدما اصبح رئيسا لحكومة كل لبنان، كاشفة عن مهلة محددة وضعها الرئيسان عون والحريري لانجاز التشكيلة الحكومية، والا اعتذار فاعادة تشكيل كما حصل في عهد الرئيس ميشال سليمان، خصوصا ان الرياح الدولية بدأت تتضح معالمها، وان الدعم الدولي للبنان واضح سواء في تحريك ملف باريس اربعة، او دفع الرياض في اتجاه العودة الى لبنان من باب اعادة العمل بمكرمة مليارات التسليح.

في ظل شد الحبال على توزيع الحقائب والحصص والانشغال بحياكة الثوب الحكومي العالق في حسابات الاحجام والوعود والديون السياسية، وسط أجواء توحي بمناخات من تفاؤل التأليف بعد اجتياز خطورة التكليف، مع استمرار الاتصالات والسيناريوهات المفتوحة ، اختار الاميركيون بين السيئ و الاسوأ رئيسا لبلادهم ،لا تقتصر حدود نتائجه على تلك الولايات بل ستترك اثرا على مساحات واسعة من العالم، من العلاقات الاميركية الروسية الى ما بين واشنطن وبكين والسياسات المتبعة ازاء الشرق الاوسط وما يجري في الساحات العربية. فهل دخلت الولايات المتحدة مرحلة جديدة؟