كُتب الكثير، اسرائيلياً، عن عملية مزارع شبعا وأبعادها وتداعياتها، وكذلك عن خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. بل جرى الاهتمام بدلالات الخطاب اكثر من دلالات العملية، وجاء في الاعلام العبري أن الاستخبارات الاسرائيلية أعطت اهمية للخطاب ازاء تقدير الموقف من الآتي، أكثر من الفعل الميداني.
قرأت اسرائيل، من العملية والخطاب، ان قواعد الاشتباك تغيرت، وان ساحات المواجهة توحّدت، وان مساحة وحجم وطريقة رد حزب الله على اعتداءاتها، بما يشمل الاغتيالات الامنية، توسعت مكاناً وزماناً وحجماً.
مع ذلك، لا يقدر أن اسرائيل ستستكين، وستضع يداً على الخد. قواعد الاشتباك يصنعها طرفان، الا إذا فرضت فرضاً. طرف يحاول فرض قواعد بما يتوافق مع مصلحته، وآخر يصدّ بما يتوافق ايضاً مع مصلحته. ونتيجة ارادة الطرفين وافعالهما ورد فعلهما، قد تستقر المعادلة الجديدة، لكنها تبقى عرضة للتغيير وفقاً لتغيير ظروف الطرفين.
على ذلك، وعلى المدى المنظور تحديدا، فإن السؤال هو الآتي: هل ارتدعت اسرائيل عن شن اعتداءات؟
قد يكون من المبكر الاجابة، لكن ما بات مؤكدا هو ان اسرائيل ستفكر كثيرا جدا، وستناقش، طويلا جدا، كل السيناريوهات المحتملة إذا قررت تنفيذ اعتداء جديد، بما يحمل على القول انها ارتدعت، اقله في المدى المنظور.
والمؤكد ايضاً انها ستعمد، وهي عمدت، الى اعادة النظر بتقديراتها حول موقف حزب الله، والى البحث اين اخطأت. ولعل اهم اخطاء اسرائيل انها تعاملت مع الحزب وكأنه يخشى الحرب، وبنت على ذلك مواقفها وأفعالها واعتداءاتها. خطأ اسرائيل انها لم تقرأ نظرة حزب الله الى موقفها هي من الحرب. وما غفلت عنه ان الحزب، من جهته، يرى ان اسرائيل تخشى الحرب ولا تريدها، وهو يدرك ذلك جيداً، وعلى اساسه يبني افعاله وردوده. ومن اخطاء اسرائيل، ايضا، انها اعتقدت بأن انشغال حزب الله في الساحة السورية وغيرها، يشغله عنها ويردعه. ومن الاخطاء كذلك، انها تثقل، الى حد اثارة التعجب، من فاعلية الاصوات الداخلية اللبنانية المنتقدة للحزب وأدائه وسياساته، لتخلص الى ان هذه الانتقادات تردعه عن الرد على اعتداءاتها.
تل أبيب: هجوم القنيطرة لن يثني حزب الله
اقر وزير الشؤون الاستخبارية والاستراتيجية الاسرائيلي يوفال شتاينتس بأن «عملية الاغتيال» في القنيطرة قد تكون مؤثرة، لكنها لن تثني إيران وحزب الله عن محاولة إقامة جبهة ضد إسرائيل في الجولان. وقال ، في حديث الى القناة الثانية العبرية، إن ما حدث في الشمال «اصبح خلفنا، لكنه ايضا ما زال امامنا، لانه جزء من حرب شاملة تدور رحاها ضد اسرائيل. وكأنه لا يكفي جبهة الارهاب من لبنان، فتعمد ايران الى انشاء جبهة اخرى في الجولان من خلال حزب الله».