لا اصدق ان ملف العسكريين المخطوفين سيجد طريقه الى الحل قريبا، وعساني اكون مخطئا في تقديري، لانني اشارك الاهالي، وايضا الجنود، معاناتهم المستمرة منذ اشهر، وهي معاناة بحجم الوطن، تبقى اكبر من كل الكلمات التي قيلت او تقال فيها. واذا كانت ثمة نقاط ايجابية في التفاوض مع “جبهة النصرة” في مقابل الفدية المالية، فانها ليست كذلك مع تنظيم “داعش” الاكثر ارهاباً، والذي جمد مفاوضاته منذ مدة من دون الافصاح عن احوال العسكريين المخطوفين لديه. والتنظيمان ليسا مستعدين للتخلي عن تلك الورقة التي “توجع” الحكومة اللبنانية، وربما تمنعها من اتخاذ اجراءات اكثر صرامة في عدد من الملفات التي تخص الارهابيين، مما يعني ان هذا الجرح سيظل نازفا وان وجد نصفه طريقا الى الحل. والاجراءات التي يتخذها الجيش، وسيتخذها، في الجرود، ربما تحمل على مزيد من التصلب في الملف… أو ربما الانفراج.
وها الربيع اقترب، وبدأ الثلج بالذوبان، وما لم يحمله موسم الثلوج والصقيع في التضييق على المسلحين الارهابيين، ربما يقدمه الربيع هدية للبنانيين، في ظل استعدادات غير مسبوقة لدى الجيش اللبناني، معززا بسلاح متقدم تصله الدفعات الاولى منه في الاسبوع الاول من نيسان، بعدما افاد الجيش من سلاح اميركي يصله تباعا ايضا. المسلحون في الجرود صاروا بين فكي كماشة، فالامدادات من الجهة السورية تراجعت كثيرا في ظل تضييق واضح وتقدم من قوات النظام على غير جبهة، والتعاون ما بين قوى التحالف الدولي ضد الارهاب ومجموعات من المسلحين بدأ يسلك طريقه، مكرّساً الانقسام في صفوفهم، والاستعدادات اللبنانية للمواجهة بلغت حدا متقدما، اصبحت معه فكرة التقدم الى لبنان اجتياحا او هرباً، من المستحيلات، والخلافات في ما بينهم ايضا تعمقت، وضعفت ثقة المقاتلين بقدرة التنظيمين على القيام بعمليات عسكرية وامنية واسعة، او بأكذوبة قيامة الخلافة والدولة الاسلامية، مما ينبىء ببدء تفكك الحلقة وهرب بعض المقاتلين ممن بايعوا “داعش” و”النصرة” اما طمعا بسلطة ومال، او خوفا على حياتهم. في ظل تلك المعطيات يصبح تنظيم “داعش” عاجزاً عن “اجتياح” لبنان، فيما تؤكد “النصرة” ان وجهتها الداخل السوري، أما من تبقى من “الجيش السوري الحر” فعاجز مرحلياً عن كل شيء، وهو أصلاً لا يهدد أمن لبنان.
وأما المخيم القائم في جرود عرسال، فإن نقله، سيحرم الارهابيين امدادات الطعام والتدفئة والتنقل والاتصالات، ويجردهم من نقطة محورية يتخذونها استراحة ومأوى للمقاتلين المتوجهين الى الداخل اللبناني، كما سيبعد المسلحين عن عائلاتهم، بما يتيح للجيش اعتبار تلك الجرود منطقة عسكرية وساحة لقصف اي تحرك فيها، ويزيد تاليا من اعاقة حركة الارهابيين، او يجعلهم في مرمى النيران.
الثلج يذوب، واللبنانيون ما بين موسم التزلج والبحر، يأملون بصيف اكثر امانا.