IMLebanon

لن نذرف الدمع!!!

حتماً ليس كل ما يصوره الاعلام المتلفز بتنافساته الحارة يصمد طويلا امام حقائق لا ترضي احداً، لكنها أقوى من ان يتنكر لها احد. ولعل احدى هذه الحقائق ان العصب الديموقراطي اللبناني بدأ يتلاشى الى حدود الاستسلام الكامل لمنطق مستدام يعلي التسويات القسرية فوق كل اعتبار. نحن اللبنانيين اعتدنا مع نمط التمديدات للمجالس النيابية ما هو أفدح، اي ان نتعايش مع هيكل دستوري مجوف يغطي تقلبات توازن القوى كيفما اختلت وانتهكت الأصول. لن نذرف تاليا الدمع على تمديد إضافي لمجلس النواب ما دمنا لم نحرك ساكنا في انتهاك أفظع للميثاق والدستور في الدوحة عام ٢٠٠٨. ولن نبكي مراً العودة الى اجراء استثنائي ما دمنا لم نقم الدنيا ولم نقعدها حين حصل انقلاب موصوف على حكومة الرئيس سعد الحريري . لم نحرك ساكنا ايضا حين اخترقت جهات لبنانية حرمة الحدود وتورطت وورطتنا جميعا في الحرب السورية ولا حين تمادى التكيف السياسي مع هذه التورطات مع تشكيل الحكومة الحالية بل كأنه كرّس واقعها القهري أمرا واقعا. ثم اخيراً وليس آخراً لم نحرك تظاهرة واحدة في وجه معطّلي الانتخابات الرئاسية المعروفين بالاحرف الاولى والأخيرة والتواقيع الكاملة الناجزة.

تكاد تسخر من مشهديات إعلامية في ساعة ذلك المسمى حدثاً. فتتوهج الصورة المنقولة مع بضع عشرات من الناشطين حملة البيض والبندورة في مطاردات مسلية للنواب، فيما لا يكلف احد نفسه عناء السؤال أين اربعة ملايين لبناني (العدد بتصرف) من “مذبحة” الديموقراطية هذه؟ وهل هم يعتبرونها كذلك فعلا؟ ثم تنسى ان شعباً “ضيفاً” آخر يقيم بين جنبات الشعب اللبناني بات هو الهم الاول والمحفّز الاول على نسيان تقاليد الديموقراطية وترك كل شيء جانبا في انتظار معرفة ما اذا كان اللبنانيون سيعودون يوما الى بهجة اللعبة العتيقة لديموقراطيتهم ولو عليلة ام يذهبون الى ذلك الشيء الآخر الذي يخيف ويرعب. وتشعر فعلا بأنك تحسد أهل السياسة وأقطابها، لا لتمتعهم بحظوة التربع على السلطة أو الزعامات والمغانم بل لشيء آخر أقل تواضعا بكثير. تحسدهم لذلك الشيء الذي لا يمكنك ان تفهمه وتدركه والذي يشعل فيهم حماسة متقدة للصراع والتساجل والتمتع بكونك المادة التي تستهدفها دعاياتهم وحملاتهم وألاعيبهم فيما المكتوب في التسويات يجري تظهيره بلا اي غلط.

أقله في واقعة التمديد الاخيرة، كان اللبنانيون بكثرتهم الساحقة صادقين. عارضوا أو أيدوا عبر الاستنكاف والانعزال عن مشهد مسرحي جارف. فلا يذرفن احد دموع السخرية من نفسه اولا وعلى ديموقراطية باتت يتيمة من نظام وأهل في آن واحد. ولعلنا كلنا سواء في هذا المعترك فلن نلعن السياسيين الذين في آذانهم وقر.