IMLebanon

هل تُجرى انتخابات مجلسَي النواب والشيوخ معاً لحلّ عقدة تحقيق المناصفة الفعلية؟

السؤال الذي يثير القلق هو: هل يصبح عدم الاتفاق على قانون جديد للانتخابات النيابية سبباً لعدم اجراء انتخابات رئاسية ولا نيابية فيستمر الشغور الرئاسي الى اجل غير معروف وكذلك التمديد لمجلس النواب؟

الواقع ان كل قانون للانتخاب يأتي بمجلس نيابي يمثل أو لا يمثل تمثيلاً صحيحاً شتى فئات الشعب وأجياله، وخصوصاً إذا كان وضعه يثير خلافات بين الاحزاب والكتل لأن طريقة تقسيم الدوائر الانتخابية تجعل كل حزب يريد أن يعرف نتائج الانتخابات قبل أن تحصل.

لقد جرب لبنان كثيراً من القوانين وكثيراً من تقسيم الدوائر بين كبرى ومتوسطة وصغرى، وظل من هو غير راضٍ عن نتائج الانتخابات. وإذا كانت الاقلية في الماضي تخضع لما تقرره الأكثرية في مجلس النواب عند مناقشة أي مشروع، فإن ما يخشاه الناس اليوم وفي غياب احترام الديموقراطية وحتى الدستور أن تعطل الاقلية قرار الاكثرية إذا وافقة على قانون للانتخابات غير مقبول منها، فترد بمقاطعة الانتخابات التي تصبح نتائجها غير ميثاقية، خصوصاً إذا شارك في هذه المقاطعة مكوّن مهم من مكونات لبنان. فأي قانون جديد للانتخابات يمكن التوصل الى اتفاق في شأنه ويحقق المناصفة الفعلية بين المسيحيين والمسلمين في المقاعد النيابية، وهي (المناصفة) التي جعلت فريقاً من المسيحيين يقترح “المشروع الارثوذكسي” المحقق لذلك، خصوصاً ان هذه المناصفة تحولت قميص عثمان لتعطيل الانتخابات الرئاسية والانتخابات النيابية؟

يقول مسؤول برلماني إنه بالعودة الى الدستور يتبيّن ان في الامكان، مع انتخاب اول مجلس نواب على اساس وطني لا طائفي، انتخاب مجلس للشيوخ تتمثل فيه جميع العائلات الروحية وتنحصر صلاحياته في القضايا المصيرية (المادة 22) باعتماد الآتي:

أولا: انتخاب مجلس نواب على اساس وطني لا طائفي باعتماد المحافظة او القضاء دائرة انتخابية وعلى قاعدة النسبية مع الاحتفاظ بالمناصفة بين المسلمين والمسيحيين، بحيث ان اي غبن يصيب طائفة او مذهباً في الانتخابات النيابية يمكن تعويضه في انتخاب مجلس الشيوخ الذي يمكن اجراؤه على اساس ان يتولى كل مذهب انتخاب ممثله في هذا المجلس، اي اعتماد “المشروع الارثوذكسي”، وعندئذ لا تعود حاجة الى تفسير المادة 24 الا اذا كان المقصود من التفسير التعجيز والعرقلة.

ثانياً: ان يتألف مجلس النواب من 64 نائباً ومجلس الشيوخ من 64 شيخاً ايضا، او يصير اتفاق على تحديد عدد آخر متساو بين المجلسين.

ثالثاً: ان يتم تحديد صلاحيات مجلس الشيوخ بتحديد القضايا المصيرية، ويمكن اخذ بعضها من المادة 65 في الدستور مثل: تعديل الدستور، اعلان حال الطوارئ والغاؤها، الحرب والسلم، التعبئة العامة، اعادة النظر في التقسيم الاداري، حل مجلس النواب، قانون الانتخابات، قانون الجنسية، قوانين الاحوال الشخصية. ويمكن الاتفاق على اضافة مواضيع اخرى تعتبر مصيرية ويكون لمجلس الشيوخ الذي يمثّل جميع العائلات الروحية رأي فيها.

ويرى المسؤول نفسه عدم ربط المواضيع التي هي من صلاحيات مجلس النواب بالمواضيع التي هي من صلاحيات مجلس الشيوخ لمنع تضارب المواقف بين المجلسين سواء لأسباب سياسية أو مذهبية، ما يؤدي الى تعطيل بتها. لذلك فإن مجلس الشيوخ الذي يكون له صلاحيات بت المواضيع المهمة والمصيرية يبدد هواجس العائلات الروحية الممثلة فيه حيالها.

فهل يصير اتفاق على اجراء انتخابات لمجلس النواب وانتخابات لمجلس الشيوخ في آن واحد فتحل عندئذ عقدة تمثيل المذاهب والطوائف في مجلس النواب وهي العقدة التي تثير خلافاً حول أي قانون للانتخاب يحقق التمثيل السياسي والمذهبي الصحيح لشتى فئات الشعب واجياله، لأن ما لا يتحقق في هذا التمثيل في مجلس النواب يتحقق في مجلس الشيوخ.

يبقى سؤال عن تمكين من بلغوا سن الـ18 من حق الاقتراع وكذلك حق اللبنانيين غير المقيمين في لبنان، وهل يؤدي عدم التوصل الى تحقيقه الى تأخير اجراء الانتخابات النيابية وانتخابات مجلس الشيوخ؟

يبدو أن المشكلة ليست في قانون الانتخابات إنما في من يريد اجراء انتخابات نيابية قبل الرئاسية كي يعطل كلاً منهما فيكون الفراغ الشامل عندما يبقى لبنان من دون انتخابات رئاسية ومن دون انتخابات نيابية الى أجل غير معروف بذريعة القول بوجوب تحقيق الاصلاح والتغيير… قبل أي شيء آخر… وعلى اللبنانيين أن يظلوا جالسين في غرفة الانتظار الى أن يتحقق كل ذلك، أي أن يهدموا المنزل الذي يسكنون فيه قبل أن يتفقوا على بناء منزل آخر.