Site icon IMLebanon

هل تُمهّد «مناطق خفض التوتّر» لحلٍّ نهائيٍّ في سوريا؟

«مناطق تخفيف التوتر» أو الهدنة التي أقرّتها روسيا في سوريا، بدءاً من جنوب البلاد ثمّ غوطة دمشق وحمص، وفي انتظار إعلان المنطقة الرابعة في إدلب قريباً، وتأثيرها على الأرض في سوريا تؤشّر إلى أنّها يمكن أن تُشكّل مفتاحَ بدايةِ حلٍّ للحرب الطويلة أو نهايتها.

أكّد المُحلّل العسكري العميد المتقاعد ريشار داغر لـ«الجمهورية» أنّ «مناطق خفض التوتر» أو الهدن هي مناطقُ رسم «الخطوط الخضراء» أو الخطوط الفاصلة بين مناطق النفوذ والكيانات السياسية والعسكرية، وبالتالي هذا هو جزءٌ لا يتجزّأ من مستقبل سوريا»، مضيفاً أنّ «إنهاءَ هذه المناطق للحرب مرهونٌ بتطور الأحداث وبقدرة هذه الكيانات على التعايش مع بعضها». وقال: «لا أعتقد أنّه بمجرد الإعلان عن «مناطق خفض التوتر»، تنتهي الحرب لكن ستكون بداية تنفيذ للمرحلة الجديدة». وأشار إلى أنّ «هذه المرحلة تحمل عنوانَين رئيسيَّين: الأوّل أنّ سوريا الموحّدة أصبحت من الماضي، أما الثاني الذي سيكون ضمن هذه المرحلة، فهو أنّ نظامَ الرئيس السوري بشار الأسد سيبقى جزءاً رئيساً من سوريا الجديدة بمناطق نفوذ واسعة تتجاور مع مناطق نفوذ لكيانات ومكوّنات أخرى».

وأوضح داغر أنّ «مناطق خفض التوتر» هي إعادة تشكيل للواقع العسكري والسياسي والأمني وفق معطيات تفرضها أطرافُ الحرب»، مؤكّداً أنّ «هذه المناطق هي الخطوة الأولى نحو تطبيق تنفيذ الترتيبات الدولية الجديدة التي ستُحدّد شكلَ سوريا، وتمّ الاتفاق عليها خلال قمّة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في هامبورغ الألمانية».

إدلب

وبخصوص «منطقة تخفيف التوتر» الرابعة التي يعمل عليها الروس في إدلب، قال داغر: «ضمن الترتيبات الجديدة بينها الهدن في جنوب سوريا وغوطة دمشق، هناك منطقتان مهمّتان هما إدلب ودير الزور». واعتبر أنّ «إدلب مشكلة معقّدة جداً، ووضعُها يضع مستقبلَ الشمال السوري أمام معضلة»، لافتاً إلى أنّ «سببَ ذلك أنّه خلال السنوات الماضية، كان النظام، وبشكل مُخطَّط له، يدفع بأفواج من المدنيين والمسلّحين عند حصول أيّ تسوية أو مصالحة خارج مناطق نفوذه، تحديداً إلى إدلب، حيث أصبحت المحافظة يسكنها نحو مليون ونصف المليون مدني وتضمّ أيضاً التنظيمات الإرهابية التابعة لـ»جبهة النُصرة» وتنظيم «داعش» وغيرهما». وتابع أنّ «هذا الوضع يُرشّح إدلب أن تكون مسرحَ مواجهات دامية مقبلة لأنّه لا يمكن تثبيت هدنة من دون حلِّ مسألة وجود هذه التنظيمات»، مشيراً إلى أنّ «هذا يعطي النظامَ المبرِّر لتصفية الإرهابيين ثمّ ضمّ إدلب إلى مناطقه، فهي (إدلب) الأقرب إلى الساحل حيث مسقط رأس الأسد». وشدّد على أنّ «قمّة ترامب – بوتين لم تحسم مسألة إدلب، لكنهما أكّدا خطورة وضعها».

مناطق نفوذ

أوّل منطقة نفوذ هي للنظام حيث يُجرى توسيعها حالياً، مثل سيطرة الجيش السوري على مزيد من المناطق قُرب دير الزور المهمة جداً، وفق العميد المتقاعد، الذي أضاف أنّ «منطقة نفوذه تمتدّ من دمشق مروراً بالمدن الكبرى غرباً باتجاه الساحل الغربي التي يتمّ توسيعها». وأشار إلى أنّ «منطقة النفوذ الثانية هي الكردية الممتدّة من الرقة حتّى الحسكة باتجاه الغرب مع منطقة فصل بسيطة تحتلها القوات التركية»، موضحاً أنّ «هناك منطقة خفض التوتر جنوب سوريا ومنطقة البادية». وقال: «ذاهبون نحو أربع أو خمس مناطق نفوذ، لكنّ الخرائط النهائية غير واضحة بعد».

تعقيدات

من جهته، قال المحلّل العسكري العميد المتقاعد أمين حطيط لـ«الجمهورية» إنّ «إدلب هي إحدى المناطق الأربع التي شملها تفاهم أستانا بين إيران وتركيا وروسيا لإنشاء «مناطق خفض التوتر». وأضاف: «لكن لم تُنفَّذ الإجراءات العملانية والميدانية في إدلب نظراً للتعقيدات التي كانت حاصلة فيها، وأيضاً للأطماع التركية التي تريد توسيع المنطقة وأن تكون صاحبة اليد العليا فيها»، لكنّ هذا المسعى التركي قوبل برفض روسي – سوري – إيراني، فتوقّفت الإجراءات».

وأشار إلى أنّ «الولايات المتحدة تُحاول أن تكون لها حصة في منظومة خفض التوتر، أولاً في جنوب غربي سوريا، ثمّ انتقلت إلى حمص، حيث أصبحت أيضاً شريكاً في المنظومة، وتريد الوصول إلى المنطقة الرابعة»، لافتاً إلى أنّه «في هذه المنطقة، التعقيداتُ عديدة لأنّها باتت المكان الذي يتجمّع فيه الإرهابيون من كلّ مكان تُجرى فيه مصالحة أو تسويات ميداينة». واعتبر أنّ «الحلّ لن يكون سريعاً في إدلب وسيعمل الفرقاء لحلحلة العِقد بنحوٍ متتالٍ»، موضحاً: «لن يتمّ موضوعُ إدلب بين ليلة وضحاها، غير أنّه سيتمّ في النهاية لعدم وجود بديل لمسألة المصالحات إلّا المواجهة الميدانية المحسومة لمصلحة الجيش السوري». وتابع: «لهذا السبب، تركيا ستتراجع عن مُخطّطها، أمّا المجموعة التي انخرطت في الهدن ستتحالى ضدّ القوى التي رفضت هذه الهدن وتجري تصفيات داخلية ثمّ تجري عملية وضع اليد لتصبح «منطقة خفض التوتر».

وأكّد أنّ «الحرب دخلت أشهرَها الأخيرة لن تتعدّى العام ولم تعد هناك حربٌ إلّا في المنطقة الشرقية بدءاً من السخنة ودير الزور شمالاً وصولاً إلى السويداء جنوباً»، مضيفاً: «أما الرقة، فيتوقّف مصيرُها على قرار أميركي ولا نستبعد انقلابَ المشهد ضد الإرادة الأميركية في حال قرّر الجيش السوري خوض المعركة». وشدّد على أنّ «فكرة تقسيم سوريا لم تعد موجودة إلّا في أذهان مَن ساهموا ودعموا المشروع العدواني الذي فشل».

حطيط لـ»الجمهورية»: «منطقة تخفيف التوتر» في إدلب

ستتمّ في النهاية لعدم وجود بديل لمسألة المصالحات

إلّا المواجهة الميدانيةداغر لـ»الجمهورية»:

ذاهبون نحو أربع أو خمس مناطق نفوذ لكنّ الخرائط النهائية غيرُ واضحة بعد