بمعزل عن الأزمة الإقتصادية ـ المالية ـ المعيشية التي انفجرت في الشارع يوم الأحد الماضي، تستمر الخلافات السياسية بين كل الأطراف من دون استثناء، وبغض النظر عن التحالفات والتفاهمات، خصوصاً وأنه تتمحور اليوم، وكما تكشف مصادر نيابية في لجنة الإدارة والعدل، حول عملية ضبط الهدر ومكافحة الفساد في ضوء ما يطرح اليوم من مهام للجنة التحقيق البرلمانية التي ستتولى متابعة ملف الإتصالات الخليوية، وهو ملف مرشّح اليوم ليصبح مسرحاً لاصطفاف سياسي جديد داخل مجلس النواب قبل مجلس الوزراء، وتوضح هذه المصادر، أن صلاحيات هذه اللجنة واسعة، إذ أنها قادرة على الإستماع إلى كل من تعتبره مصدراً لمعلومات مهمة في ملف الإتصالات خلال الأعوام الأخيرة، لافتة إلى أن مهمة هذه اللجنة ولجان أخرى سيتم تشكيلها من أجل التحقيق في ملفات أخرى تدور حولها الشبهات، تأتي تحت عنوان ضبط الهدر والإنفاق في مؤسّسة سبق وأن حقّقت إيرادات مرتفعة للخزينة العامة.
وبصرف النظر عن الأحكام المسبقة التي بدأت تصدر من أحزاب وقوى سياسية لجهة أن لجنة التحقيق البرلمانية في ملف الإتصالات تركّز على وضع فريق سياسي معيّن في دائرة الإستهداف، فإن المصادر النيابية نفسها، تنفي بشدّة كل ما يتردّد عن اعتبارات سياسية تتحكّم بالعملية، وتوضح أن استطلاع تفاصيل هذا الملف يتناول الحقبة السابقة، وليس فقط الحقبة الراهنة التي تولّى فيها تيار «المستقبل» قطاع الإتصالات. ولذا، فإن المصادر النيابية تستبعد كل ما يجري الحديث عنه من حملات تستهدف قوى سياسية معينة، وتشير إلى أن ملفات مؤسّسات أخرى سيتم فتحها والتحقيق فيها، وعلى سبيل المثال الكهرباء أو الجمارك، ذلك أن الهدف من أي لجنة تحقيق برلمانية هو الإصلاح أولاً وأخيراً، وضبط الإنفاق ثانياً، ومحاربة الفساد ثالثاً. وتشدّد على أن التفسيرات التي تعطى لعمل هذه اللجنة متعدّدة، ولكنها تستدرك لأن طلب التحقيق يستند إلى قانون المحاسبة العمومية ومسار العمل سيتحدّد وفق حجم الأصوات النيابية التي سيحصل عليها الطلب في الهيئة العامة.
وتجدر الإشارة إلى أن التحقيق سيتناول المرحلة الممتدة من العام 2008 وحتى اليوم، حيث أن اللجنة ستدقّق في كيفية صرف ما يقارب الأربع مليارات دولار من أصل 14 مليار وخمسماية مليون كانت حصيلة إيرادات قطاع الخليوي في الأعوام الخمسة عشر الأخيرة.
ووفق المصادر النيابية نفسها، فإن المجال لا يزال ممكناً اليوم للعمل لتحقيق الإصلاح من خلال المجلس النيابي، ذلك أن لجنة الإتصالات النيابية كانت قد قامت في السابق بتحويل أكثر من ملف إلى القضاء، ولكن من دون الوصول إلى اية إجراءات في هذا الإطار. وبالتالي، فإن لجنة الإدارة والعدل قد اتخذت المبادرة بمعالجة كل الملفات العالقة بعيداً عن كل الإصطفافات السياسية، وذلك انطلاقاً من دور المجلس النيابي الرقابي، على الرغم من أن الحكومة الحالية هي حكومة وفاق وطني، وتضم ممثلين عن كل الكتل النيابية.