يعود أحد أبرز أسباب فتور اللبنانيين تجاه الإنتخابات النيابية الى إقتناع عندهم بأنها لن تُـجرى. ويعود هذا الإقتناع الى يقينهم بأنّ حرباً ما ستنشب في الأسابيع القليلة التي تسبق إنتخابات السادس من أيار. وبالتالي فإنّ الحرب ستُلغي الإنتخابات التي قد تلغيها أيضاً عملية أمنية كبيرة.
هل هذا اليقين (شبه العام) بأنّ الحرب ستقع هو في محلّه؟
يميل اللبنانيون الى توقع الحرب ليس عن عبث، فثمة دلائل عديدة مرسومة في الأفق تأخذ بالتفكير العام الى إستنتاج حتمية الحرب التي ستشنها اسرائيل على لبنان، كما يؤكد قادتها جميعاً، وليس على حزب اللّه وحده قيادات وعناصر ومنشآت وصواريخ أيضاً… واستهداف لبنان سيكون، هذه المرة، مدمّراً كما يقول قادة الكيان العبري… وذهب بعضهم الى التهديد بتدمير البنى التحتية في المناطق اللبنانية كافة. وذهب البعض الآخر الى أبعد مدى بقوله إنّ إسرائيل ستعيد لبنان إلى العصر الحجري!
طبعاً المبالغات معروفة، وليست جديدة. ولكن المعروف كذلك أن طيران العدو فعل فعله مراراً في استهداف البنى التحتية خصوصاً في المحطات الحرارية وكذلك في مجال تقطيع أوصال لبنان من خلال قصف الجسور على امتداد الخريطة اللبنانية، كما حدث في حرب 2006 العدوانية.
وفي نظرة الى ما يدور على الأرض يمكن التوقف جدّياً عند سلسلة المناورات والتدريبات التي تُـجرى في فلسطين المحتلة، خصوصاً في المناطق الشمالية بالقرب من الحدود مع لبنان… وبلغ الأمر، غير مرة، حدّ إنشاء قرية تحاكي إحدى قرى الجنوب وإجراء مناورات «تحاكي الحرب مع حزب اللّّه» كما قال الخبراء الذين أشرفوا على تلك المناورات.
ولم يكن المشهد ليكتمل إلاّ بالمناورات الأميركية – الإسرائيلية المشتركة التي أجريت في الساعات الماضية واستمرت يوم أمس بالذات، وقيل رسمياً (ناطق بإسم القوات الأميركية التي شاركت في المناورات) إن هذه المناورات هي أيضاً تحاكي حرباً مع حزب اللّه.
ويعزو الكيان العبري حتمية الحرب الى أن «إسرائيل» لن تقف مكتوفة اليدين أمام ما بلغ إليه محور المقاومة من «تواصل وتكامل» من سوريا الى العراق وإيران، وطبعاً لبنان. ولكن المسؤولين الإسرائيليين لا يقولون لماذا يجب أن يدفع لبنان الثمن ولا تدفعه إيران أو العراق مثلاً، طالما أن نظرتهم الى «محور المقاومة والممانعة» لا يشكل لبنان فيه إلا الجزء الأصغر؟!
ولا يفوتنا في هذه العجالة أن نشير الى أن الدولة اللبنانية مهتمة فعلاً بما يجري من استعدادات للحرب على لبنان الذي كان قد تقدم، قبل أسابيع، بشكوى الى مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل ويومها اعتبر الرئيس ميشال عون أن هذه الشكوى «لن تكون مجرد إجراء روتيني، بل سنلاحقها لأننا مصممون على عدم السماح بأي إنتهاك لسيادتنا». وسجلت أقوال لقائد الجيش العماد جوزف عون تتناول الإستعداد لمواجهة العدوان على لبنان.
المؤشرات كثيرة حول حتمية الحرب. ولكن يبقى سؤال واحد يفرض ذاته: إذا كانت الحرب ستستهدف لبنان كله وفي الطليعة الجيش اللبناني فهل ستأذن بها واشنطن وهي التي تبني استراتيجيتها في
لبنان على دعم هذا الجيش؟!