IMLebanon

القضاء على من؟

 

 

آخر إبداعات القضاء استدعاء وليم نون إلى التحقيق. وذلك بتهمة التفتيش عن وسيلة لحث القضاء على القيام بواجباته ومتابعة عمله للكشف عن جريمة العصر التي أودت بحياة شقيقه.

 

وبالتأكيد استخدم وليم أدوات ضغط هي أقل بكثير من أدوات ضغط المسعورين في اللهاث خلف تجديد حضورهم السياسي من خلال الانتخابات النيابية.

 

هو لم يكذب ولم يحوِّر الحقائق ولم يجيِّش طائفياً ولم يحرك الغرائز ولم يدّعِ العفة السياسية، كما يفعل الذين غرقوا في الفساد ينهلون منه ما ملكت إيمانهم، ويسرقون وينهبون من المال العام. والأخطر أنهم ينافقون متبجحين بنزاهة ومظلومية وتضحيات في سبيل الوطن، لو أن فيها من الحقيقة ما يقارب 10% لما كنا في جهنم وبئس المصير.

 

جريمة وليم انه وصف بالـ»جبان» وزير العدل، وأخاف هو ورفاقه من ذوي ضحايا هذه الجريمة ابنة الوزير، ما استفز مرجعيته الحريصة على الطفولة، فاستنفرت أدواتها.

 

وتولت الادعاء أداة ناشطة على خط الاستنسابية والشعبوية، فيما تكفلت بالاستدعاء للتحقيق أداة أخرى، ممنوع على القضاء محاسبة رئيسها لشبهة تورطه في جريمة تفجير المرفأ، لأن المرجعية الكبرى تحميها، ونكاية بكل مُطالِب بالحقيقة والعدالة تخالف القانون لأجلها وتمدد لها عملها على رأس جهازها.

 

ببساطة، الأداة الشعبوية التي تفتح ملفات كيدية، وتغطي مخالفاتها بدعم ممن عطل التشكيلات القضائية لإبقائها في منصبها للحاجة إليها، تستقوي على أهالي الضحايا. وليس مستغرباً أن تقرر اعتقال وليم نون بتهمة مبالغته في الحزن على شقيقه جو، وإصراره على استكمال التحقيق وإظهار حقيقة الذين ارتكبوا هذه الجريمة، ومحاسبتهم مع من تولى تغطيتهم من أول يوم أدخلت فيه المواد المتفجرة إلى حين الكارثة.

 

من يظن نفسه هذا الشاب حتى يسمح لحرقة قلبه أن تقوده إلى شتم مطلوبين لا يزالون يصرون على الترشح للانتخابات النيابية.. والأجهزة المختصة تقدم لهم سجلاً عدلياً نظيفاً بأن «لا حكم عليهم»، في حين أنهم يتمنعون عن الخضوع لأي تحقيق يظهر فعلاً مدى تورطهم او عدمه؟؟

 

ألا يعرف وليم أن القضاء هو للانقضاض على من هم مثله وليس لتحصيل حقوقهم؟؟ ألم يسمع رئيس أعلى سلطة تشريعية، عندما اعتبر ان القضاء للضعفاء فقط، ذلك أن الأقوياء قادرون على تحصيل حقوقهم بأيديهم؟؟

 

ليس لدى وليم ورفاقه أن يعرفوا الحقيقة، وأن يطالبوا وزير عدل بالعمل للحؤول دون عرقلة التحقيقات. عليهم أن يتوقفوا عن السعي خلف العدالة، لأن ذلك يضعهم خلف القضبان. وقد تنقضي المسألة اليوم بالترهيب عبر الاستدعاء والتحقيق، لكن بعد ذلك، سوف تتخذ إجراءات أشد حزماً لكمّ الأفواه الخارجة عن الطاعة.

 

عليهم أن يصدقوا ان الحاكم بأمر محوره الذي يزعم معرفته بكل عميل للسفارة الأميركية ومقدار ما يقبض لأنه يعارض المنظومة المحكومة منه، لا يعرف من أدخل النيترات المتفجرة ولمصلحة من، وكيف تم التواطؤ والإهمال والسكوت عن أكبر انفجار غير نووي شهدته بيروت، بدءاً من رأس الهرم حتى أصغر متواطئ قذر.

 

أما أبناء الضحايا وعائلاتهم، فلا حق لهم بالخوف والحزن والبحث عن الحقيقة والعدالة.. تجاوزوا حدودهم.. صدقوا أنهم يعيشون في جمهورية أفلاطون. وضعوا أنفسهم تحت القضاء.. لكن القضاء على من؟؟ بالطبع ليس على من يهمل من تلحق به الشبهة. فالمطلوب القضاء عليهم بحجة إهانتهم الوزير وتخويف ابنته، فقط لأنهم يهددون الحاكم بأمره الذي له وحده أن يهدد القاضي والضحايا وذويهم.. على عادته.