Site icon IMLebanon

«كروز مجنّح»‪!

 

شكّل قصف الحوثيّون مطار أبها صدمة على مستوى العالم العربي، وبصرف النّظر عن سيل الاستنكارات والشجب الذي لا يعدو كونه مجرّد كلام، خرج الكلام الحوثي الذي حاول ادّعاء القدرة على فرض معادلة جديدة على مسار الحرب الدائرة منذ سنوات وبغير أفق حتى الآن ليطرح علامات استفهام كبيرة الأولى حول محاولة الحوثيين فرض معادلة ـ على طريقة حزب الله اللبناني ـ مطار أبها مقابل مطار صنعاء، والثانية شكّلها صاروخ الـ»كروز مجنّح» ومن الصعب التصدي لنوعه بسبب تحليقه على مستويات منخفضة لا تلتقطها أنظمة الرادار.

 

لم يبدُ واضحاً منذ الأمس ما إذا كان فعلاً قصف مطار أبها سيطرأ معه تغيير ما على قواعد هذه الحرب المندلعة منذ أربع سنوات ويزيد، لكنّ الواضح جداً أنّ إيران لن تغيّر شعرة في سلوكها برغم كلّ ضغوطات العالم عليها، وأنّها ماضية حتى النهاية في تدمير أمن المنطقة ودولها، فما حدث بالأمس في مطار أبها بصمات إيران واضحة عليه من الألف إلى الياء، فماذا سيفعل العرب الذين يخوضون مواجهة غير واضحة المعالم ولا التطورات‪!

 

تكمن المشكلة الحقيقيّة في هذه المواجهة العربيّة مع إيران تحت عنوان الحوثيين، أنّ الدول التي تخوضها لم تملك طوال العقود الماضية خطّة لا عامّة ولا خاصة لسيناريو مواجهة مع إيران وأذنابها، فيما عملت إيران على وضع عشرات السيناريوهات لهذه المواجهة مع دول الخليج مجتمعة أو منفردة، وأنّها عملت دون كلل أو ملل للوصول إلى ما أوصلت إليه دول الخليج اليوم… تأخّر الوقت كثيراً لإيجاد حلٍّ لمعضلة إيران وأذرعها التي تستهدف المنطقة، ونقول تأخّر كثيراً بالرّغم من أنّ قناعتنا أن الأوان قد فات على أن يقدر العرب ـ ومجتمعين ـ على هزّ شعرة واحدة في رأس النّظام الإيراني فهذا إرهاب عمره أربعون عاماً، إرهاب حرث وبذر وسقى وطلع زرعه وأثمر وهو يحصد الآن ما زرعه، فكيف يواجه في اللحظات الأخيرة؟‪!

 

من المؤسف أنّ الدول العربيّة التي اكتفت بالاستنكار بالأمس البعض منها ما يزال ينتظر «التصعيد الأميركي» في وجه إيران، ويصدّق أنّ اندلاع مواجهة بينهما أمرٌ وارد جداً، ومن المستغرب جداً أن يصدّق بعض العرب أنّ ترامب في وارد إرسال الجنود الأميركيين إلى المنطقة لمواجهة إيران، هذا ضرب من الخيال والجنون أيضاً!

 

أيها العرب أقرأوا كتاب عصر الظهور، وفكّروا بعد ماذا أنتم فاعلون لحماية الدول التي يتحدث الكتاب عن دورها في التمهيد لظهور المهدي! يخوض الحوثيون حربهم تحت عنوان عقيدة «ظهور المهدي»، وتركت هذه الحرب تتفاقم حتى طالت بالأمس مطار أبها، وهذه الحرب إن استمرت على نفس المنوال سيغرق الجميع، هذه الحرب مختلفة جداً إذ لا مقاتلين على الأرض يحسمونها ضدّ الحوثيين، وحرب القصف الجوي لا تحسم حرباً، هي فقط تدمّر لا أكثر ولا أقل، وتتسبب بتكاليف باهظة وتتنفع منها دول تتاجر ببيع السلاح والصواريخ، فيما هي لا تكلّف إيران قتلى ولا خسائر، الحرب مع إيران لن تنتهي بالضرب على أحد أذنابها، آن للعرب ولدول الخليج تحديداً أن تفهم أن استراتيجيتها في مواجهة منذ العام 1980 باءت بالفشل الذريع، وعليهم أن يفكّروا ببديل يقطع كلّ أياديها في المنطقة وفي أقرب وقت ممكن.