أثار تعيين الحكومة أعضاء مجلس إدارة للمنطقة الاقتصادية الحرّة في طرابلس ارتياحاً لما يعلّقه كثيرون من آمال عليها لانتشال عاصمة الشمال من واقعها الصعب. فمنذ مرسوم إنشائها عام 2008 وصدور المراسيم التطبيقية لها عام 2009، بقيت المنطقة حبراً على ورق بسبب إخفاق الحكومات المتعاقبة في تفعيلها عبر التوافق على تعيين أعضاء مجلس إدارة لها.
مصادر طرابلسية نوّهت بـ»الدور الفعّال» لوزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس في تحقيق إنجاز تنموي انتظره الطرابلسيون طويلاً «بسبب الضغط الذي مارسه بلا كلل من أجل هذه الغاية». وذكّرت بأن درباس تمكن من تحقيق ما لم تحقّقه حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي ضمّت أربعة وزراء طرابلسيين.
وقد تشكّل المجلس من الوزيرة السابقة ريا الحسن، المحسوبة على تيار المستقبل، رئيسة لمجلس الإدارة ومديرة عامة، ومن ستة أعضاء مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، هم: الوزير السابق جهاد أزعور (تيار المستقبل)، أنطوان رفلة دياب (نجل منسق تيار المردة في طرابلس)، أنطوان حبيب (مدير سابق للمرفأ سمّاه التيار الوطني الحر)، رمزي أمين الحافظ (المستقبل)، وسيم منصوري (شيعي مقرب من الرئيس نبيه بري) وعشير بسام الداية.
تعيين المجلس جاء بعد مخاض عسير، وقد لفت في التمثيل المسيحي غياب حلفاء تيار المستقبل، وفي مقدمهم حزب الكتائب والقوات اللبنانية، ما دفع مصدراً كتائبياً شمالياً إلى التعبير عن خيبة أمله من «طريقة التعاطي معنا، وعدم مراعاة تيار المستقبل لحلفائه المسيحيين كما يراعي حزب الله حلفاءه المسيحيين».
خرج ميقاتي خالي الوفاض ومسيحيّو 14 آذار يشعرون بـ«الغبن»
أما إسلامياً، فقد كان الرئيس ميقاتي الوحيد الذي خرج خالي الوفاض لإصرار تيار المستقبل على محاصرته على كل الصعد. وكان التيار الأزرق قد حاول الانفراد بالحصة الإسلامية من المجلس لولا اعتراض النائب سليمان فرنجية على «اختزال التمثيل السنّي لعاصمة الشمال المتنوعة سياسياً وطائفياً بطرف سياسي واحد». وقد دفع هذا الاعتراض النائب وليد جنبلاط إلى سحب مرشحه غسان العياش (درزي)، واستبداله بالداية الذي جاء تعيينه حلاً وسطاً، إذ إنه يمثل نقطة تقاطع بين النائب محمد الصفدي والوزير السابق فيصل كرامي من جهة، وتيار المستقبل من جهة أخرى، كما أن والد الداية (بسام) كان قد حظي يوم ترشحه نقيباً لمحامي طرابلس عام 2010 بإجماع سياسي من فريقي 8 و14 آذار. أما في ما يتعلق بـ»الغبن» الذي لحق بمسيحيي 14 آذار، فاعتبرت مصادر في تيار المردة أنه «إذا كان هناك من يتحدث عن غبن لحق بتمثيل بعض القوى المسيحية، فإن هذه ليست مشكلتنا».
وتنتظر مجلس إدارة المنطقة الاقتصادية في السنوات الثلاث المقبلة، وهي فترة ولايته، مهمات لجعل المنطقة الاقتصادية واقعاً على الأرض، وردم 550 ألف متر مربع في البحر قرب مرفأ طرابلس وتجهيزها كي تبدأ عملها خلال سنتين أو ثلاث على الأكثر، وهي خطوة جيدة ستعطي دفعاً لعمل المرفأ، وتشكل قيمة مضافة هامة له على صعيد الاستيراد والتصنيع والتجارة وإعادة التصدير، وتوفير مئات فرص العمل.