IMLebanon

رابحون من إنخفاض أسعار النفط

 شهدت أسعار النفط انخفاضاً بنسبة حوالى 40 الى 45 في المئة منذ الصيف الماضي حتى الآن. فمن كان يتوقع ان يتراجع سعر برميل النفط من 95 دولاراً الى حوالى 45 دولاراً في بضعة أشهر فيما الاحداث والاضطرابات الجيوسياسية في معظم مناطق النفط لا تزال مستمرة. فلا ليبيا تعافت بل بالعكس ولا سورية هدأت ولا العراق استعاد استقراره الامني واليمن يشتعل. ورغم ذلك بقي سعر النفط منخفضاً لأنه يوجد الكثير منه في الاسواق، ولأن الطلب تقلص بسبب تباطؤ الاقتصاد العالمي في أوروبا وآسيا. لكن العنصر اللافت في وقت تشهد الدول النفطية تراجعاً في عائداتها أن هناك من يحقق أرباحاً في المضاربة على الاسواق المستقبلية. فالمعلومات تؤكد وجود تخزين من النفط في البحار بمعدل 67 مليون برميل. ويؤكد رئيس شركة «توتال» باتريك بوياني في حديثه الى «الحياة» اليوم (المنشور في الصفحة الاقتصادية) ان التخزين كثيف من كل الجهات في البحر وان «توتال» المالكة لناقلات نفطية تشهد على ارتفاع كلفة استئجار البواخر حالياً. وتشير معلومات الخبير النفطي بيار ترازيان الى ان كلفة استئجار الناقلة العملاقة اليوم اصبحت 41600 دولار في اليوم بعد ان كانت في آب (اغسطس) الماضي 29 ألف دولار. وحمولة الناقلة العملاقة مليونا برميل.

اذاً تبلغ كلفة استئجار ناقلة عملاقة للنفط للتخزين في البحار حالياً حوالى 15,2 مليون دولار في السنة، أي ان سعر تخزين برميل النفط هو 7,6 دولارات، فيما الفارق بين سعر برميل النفط الحالي وسعره في السوق المستقبلية لمدة سنة يشهد ارتفاعاً بعشر دولارات، اي ان تجار النفط الذين يخزنون للمستقبل يراهنون على سوق مستقبلية يكسبون منها دولارين لكل برميل من النفط. فالتخزين في البحار سببه ان البعض ينتظر تحسن الاسعار أو يراهن على الاسواق المستقبلية. فصحيح ان هناك من يحقق ارباحاً طائلة هائلة من هذه المراهنة ولكن هناك ايضاً خطر ان هذا المخزون اذا تدفق فجاة في الاسواق قد يزيد العرض بينما لم يتعافَ الطلب على النفط ويمكن ان تنخفض الاسعار. ولكن كل ذلك يدخل في باب التكهنات لأن هناك ضبابية كبرى بالنسبة الى توقع اتجاه اسعار النفط. فهو سلعة فيها الكثير من التقلب لاسباب عدة. ولكن حتى عندما تكون الاسعار منخفضة هناك من يحقق ارباحاً كبرى في تجارة هذه السلعة.

ولكن العنصر الاكيد في سياسات السعودية باعتبارها أكبر منتج نفطي، هو انها لا تريد تحمل عبء تخفيض انتاجها لصالح آخرين خارج «اوبك» أو حتى في داخل المنظمة، اذا كان تاريخ هذه الدول يدعو الى التشكيك في صدقيتها، كما هي الحال بالنسبة الى فنزويلا او غيرها من الدول. فالسعودية عازمة على حماية حصتها من السوق وهي حالياً 9,6 مليون برميل في اليوم. ولديها طاقة اضافية غير مستخدمة تقارب مليوني برميل في اليوم. والحصة الانتاجية النفطية تمثل وزناً استراتيجياً وسياسياً ليس فقط اقليمياً بل عالمياً. لذا من المتوقع ان تستمر سياسة السعودية النفطية كما هي.