IMLebanon

فوز بأصوات مستعارة  وربح على درب هزيمة

الخوف تقدّم على الغضب في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية. ولا خروج على المألوف، حيث يقال ان الفرنسيين الغاضبين على الأوضاع والسياسيين يطلبون دائما التغيير نحو الأفضل، ثم يختارون في النهاية البقاء في الستاتيكو. هذه المرة كان الخوف من التغيير نحو الأسوأ أو نحو المجهول في برنامج مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن، هو ما قاد ايمانويل ماكرون الى الأليزيه بأصوات مستعارة. لكن ما ربحه ماكرون هو المعركة السهلة: الوصول الى المنصب بدعم واسع حتى من المعارضين لبرنامجه لقطع الطريق الى زعيمة الجبهة الوطنية. وما خسرته لوبن هو ما كان مهمة مستحيلة حتى في حساباتها: الوصول الى الرئاسة، وسط ما ربحته على الطريق اليها.

ذلك ان ماكرون كان مرشح النخبة والستاتيكو، وإن قال أنا لا أقترح اصلاح فرنسا بل إحداث تحولات فيها. ولوبن التي كانت مرشحة الخروج من الاتحاد الأوروبي واليورو واتفاق شنغن، فرضت نفسها البديل من القوى الممسكة بالوضع القائم. فلا فوز ماكرون يكتمل، ان لم يتصرّف كرئيس يمسك بالسلطة بعد المنصب. ولا هزيمة لوبن تحجب تقدمها على المسرح السياسي برأسمال كبير هو ١١ مليون صوت. إذ الجبهة الوطنية التي كانت معزولة كأنها الطاعون دعمها بشكل واضح ما يزيد على ثلث الناخبين وصار التكيّف معها وقبولها أمرا عاديا.

ولوبن صارت من نجوم المسرح السياسي، ولم يعد يستطيع الرئيس ماكرون وسواه تجاهل بعض مطالبها التي نالت دعم الملايين، ولا عدم أخذها في الحسابات.

ولا حدود للتحديات أمام ماكرون، وان بعث فوزه الارتياح في الأوساط المالية والاقتصادية الفرنسية ولدى أهل المشروع الأوروبي وحرّاس العولمة. والتحدّي المباشر والملحّ هو الحصول على أغلبية أو أقله على كتلة برلمانية محترمة في الانتخابات النيابية المقرر اجراؤها في حزيران المقبل بلا خوف من التأجيل على الطريقة اللبنانية.

وليس ذلك سهلا. فالظروف التي قضت باخراج مرشحي اليمين الديغولي واليسار الاشتراكي من الجولة الرئاسية الثانية كانت سابقة يصعب تكرارها. والأحزاب التي دعمت ماكرون خوفا من لوبن، مصممة على الثأر لهزيمتها الرئاسية في الانتخابات النيابية التي للحسابات المحلية دور مهمّ فيها. وهي تملك ماكينات انتخابية قوية ومحترفة في مواجهة حركة الى أمام التي أسسها ماكرون قبل عام.

والسيناريو المفترض هو اما حكومات تساكن واما حكومات ائتلاف وطني. وهذه وصفة للحد من قدرة ماكرون على تحقيق برنامجه، ولبقاء فرنسا وراء المانيا في قيادة الاتحاد الأوروبي، وليس أمرا قليل الدلالات ان يعترف الرئيس المنتخب بأنه يدرك غضب الفرنسيين وقلقهم ويريد التصدّي للانقسامات وتهدئة الخوف الذي كان سلاحه في معركة عنوانها الأمل.