IMLebanon

من يربح حرب الافكار ضد داعش والارهاب ؟

مؤتمر الأزهر يكمل اجتماع بروكسل في مواجهة التطرف والارهاب. ولا يبدل في الأمر أن ترتفع في المؤتمر أصوات توحي أن في التحالف الدولي من صنع داعش لخدمة اسرائيل، وتطلب في الوقت نفسه من التحالف استخدام كل القوة لانهاء داعش. فليس لصعود التيارات الارهابية المتطرفة سبب واحد. وليس في الحرب على هذه التيارات جبهة واحدة. ولا البعد الديني هو الوحيد في قراءة داعش والقاعدة وبوكو حرام وانصار الله وانصار الشريعة، حيث السلطة هي الهدف الأول.

وزراء الخارجية من ستين دولة في التحالف راجعوا في اجتماع بروكسل ما يهمهم من محاور الحرب على داعش والارهاب ضمن استراتيجية عسكرية وسياسية واقتصادية وأمنية. ورجال دين من ١٢٠ دولة يمثلون كل الطوائف والمذاهب التقوا على مدى يومين في الأزهر الشريف للبحث في المحور الحساس والمهم جداً في الحرب، هو محور التفكير في مواجهة التكفير. ومن الطبيعي ان يتقدم الأزهر الصفوف في حرب الافكار على داعش واخوته وأخواته. لكن السؤال الكبير هو: الي أي حد يمكن الذهاب الى العمق في مناقشة الأسباب ومعاينة النتائج والتوصل الى خلاصات جذرية فاعلة، وليس الى مجرد أفكار عامة مسموح بها؟

ذلك ان الاعتراض على اعلان داعش دولة الخلافة والبغدادي الخليفة ابراهيم بقي، على العموم، في حدود الجدل حول توافر أو عدم توافر الشروط لاعلان الخلافة. فالقلة وحدها انطلقت من القول ان الدولة في الاسلام هي دولة مدنية لا دينية، لتصل الى جرأة القول ان استعادة الخلافة صارت مطلباً يستحيل تحقيقه في الجغرافيا الممتدة من المتوسط الى أندونيسيا، ولم يعد ملائماً لما تريده الناس من الدولة في العصر الحديث. والقلة وحدها تدعو الى نقاش جدّي في الفكر الديني أقله لجهة ما في مدارس التأويل وما في النقل من أمور يعيد العقل النظر فيها.

أكثر من ذلك، فان التنظيمات المتشددة الارهابية على شاكلة داعش هي نتاج الاستبداد الداخلي والاستعباد الخارجي والانغلاق الديني. واذا تمكّن التحالف الدولي من القضاء عسكرياً على داعش من دون معالجة الأسباب التي قادت الى صعود التنظيم، فان البديل سيكون تنظيماً آخر أشدّ تطرّفاً وأكثر اندفاعاً في الارهاب والجرائم وإلغاء الآخرين.

ومن هنا أهمية دور الأزهر وسواه في ربح حرب الأفكار، بما يجعل البديل من داعش هو الديمقراطية في دولة مدنية، فكل دولة دينية هي عودة الى محاكم التفتيش أيام الظلام في أوروبا، من دون قدرة على تأمين الحاجات الأساسية للشعب. وكل مشروع جيوسياسي ضمن طابع مذهبي في المنطقة هو مشروع فتنة.