ما بعد تفجيرات الأجهزة اللاسلكية.. التصعيد يفرض نفسه وإرساء التهدئة مهدَّد بالفشل
أدخلت تفجيرات الأجهزة اللاسلكية التابعة لحزب الله والتي حصدت معها قتلى وجرحى البلاد في دوامة جديدة بشأن مصير المواجهات المفتوحة بين الحزب والعدو الإسرائيلي، وبات منطقيا السؤال عما قد تجره بعد إقرار الجميع بهذا الخرق غير المسبوق للعدو. لم يستفق البعض من هول هذا الحادث الكبير، لكنه دفع بالمعني الأول أي حزب الله إلى التفكير بإستراتيجية الرد وبقاء ذلك في «الحفظ والصون».
الإقرار بأن الضربة قاسية عكسها الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله الذي شرح بعض الوقائع ولم يُسهب في انتظار معطيات متكاملة. أعاد تأكيد بعض الثوابت ولم يتراجع عن جبهة الإسناد ولا عن مواجهة أية محاولة لإقامة حزام امني داخل الأراضي اللبنانية. المقاومة وعلى رغم مما أصابها في الهجوم الألكتروني ستنهال على العدو وفق ما فهم من كلام السيد نصرالله حيث «الحساب العسير»، وما على الجميع إلا المشاهدة والسماع.
كان لا بد أن يتحدث الأمين العام للحزب لكن مما لا شك فيه أن الانتقال إلى الرد سيكون في الوقت المناسب بعد عمليتي الإستيعاب والتنظيم والتحرِّي عن الخرق الأساسي الذي حصل، على أن يتم تدارس المناخات القائمة وفق تكتيك خاص بالحزب الذي لا يزال متمسكا بالخطوط الحمراء وعدم الانجرار إلى الحرب.
إنها مرحلة ترقب وعودة في الوقت نفسه للحركة الديبلوماسية لتجنيب الحرب الموسعة التي يتوعد بها الإسرائيليون. فأمام أي سيناريو تقف البلاد، وفي جميع الأحوال «أحلاها مر»، لاسيما أن الاشتباك لن يتوقف. وفي تقدير مصادر سياسية مطلعة فإن هذه المرحلة هي الأصعب والأخطر لأنها تتأرجح بين إمكانات الالتزام بما يُعرف بالضوابط او تجاوزها، إنما على ارض الميدان فالحديث متواصل عن تحضيرات للحرب، وإذ تفيد ان لا شيء محسوما بعد طالما أن الولايات المتحدة الأميركية لا تزال على الخط العامل لضبط تفجر الوضع، ويبقى احتمال خروج رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو عن الإرادة الأميركية بتجنب الحرب غير واضح في ظل أسئلة عن مدى تمسكه بالحلف مع الولايات المتحدة الأميركية الداعمة الأساسية لإسرائيل.
وتؤكد هذه المصادر أن الاتصالات التي بدأت تشق طريقها غايتها منع التصعيد،لكن قد لا تكون النتائج مضمونة لاسيما أن ما من تبدُّل في بعض الأجندات ولا في التوجهات المتخذة، ومعلوم أن طرفي النزاع يدركان جيدا ماهية قدراتهما في المعارك المقبلة، لافتة إلى أن الجهود الديبلوماسية التي انطلقت بقوة بعد تفجيرات أجهزة «البيجر» و«ووكي توكي آيكوم» مستمرة على قاعدة واحدة وهي إمكانية إنجاز تسوية لوقف النار في غزة وإرساء التهدئة في الجنوب، مشيرة في الوقت نفسه إلى ان فرضية معارك ضارية في جبهة الشمال قائمة بنسبة كبيرة لاسيما إذا استمر التعنت الإسرائيلي بإعادة سكان الشمال إلى مناطقهم، اما الموعد فليس معلوما، لكن هذا التحدي قبِل به السيد نصرالله كما ذكر قائلا للإسرائيلين: لن تستطيعوا أن تعيدوا سكان الشمال إلى الشمال..وافعلوا ما شئتم».
اما على الصعيد الرسمي، فإن الحكومة ماضية في تطوير خطة الطوارىء تحسبا لأي سيناريو سلبي، وفق ما توضح هذه المصادر التي لم تتحدث عن خطط نوعية جديدة، لاسيما أن الثقل الأساسي تركز على الإحاطة بالتفجيرات التي أصابت الوطن ووصفت بالإرهابية والقيام بكل ما يلزم في مجالات الصحة والرعاية، وهذا كان محور إشادة الأمين العام لحزب الله كما التضامن الوطني الذي تجلى. اما حتمية التصعيد الكبير، فليس في الإمكان جزمها أو حتى نفيها، فهي أمور مرتبطة بأطراف النزاع ولاسيما العدو الإسرائيلي.
يتفق الجميع على توصيف دقة المرحلة في البلاد، وأياً يكن الإحتمال الذي تسلكه مجريات المواجهات تصعيدا مباشرا او تصعيدا تدريجيا او غير ذلك، فإن انعكاساته ستكون ثقيلة على مساحة البلد ككل.