IMLebanon

عساه لا يكون آخر شهابي يرحل عن لبنان

رحل فؤاد بطرس، هذا الشهابي المتعبد لحب لبنان ولسيادته ولكرامته تاركا وراءه لبنان المشتت والمشرذم والضعيف. فقد لبنان فؤاد بطرس الشامخ شموخ جبال حرمون الذي ما استطاعت الرياح ان تلوي عزيمته في الدفاع عن قدسية الوطن. جسّد فؤاد بطرس الوفاء للشهابية التي بنت المؤسسات وركائز الدولة والدولة القوية وكرامة الجيش اللبناني والعيش المشترك والمسيحية المتسامحة. هو من قماشة الرئيس الراحل فؤاد شهاب الذي وضع لبنان في موكب التقدم والحضارة والذي بات القدوة للرئيس اللبناني الاصيل. كم نحتاج في زمننا هذا رجالاً يتمتعون بميزات وخصال الرئيس فؤاد شهاب والوزير الراحل فؤاد بطرس والشهابية التي ارست المواطنة وعززت الجدار الوطني اللبناني. كم نحتاج الى هؤلاء الرجال في يومنا هذا بعد ان اضمحلت القيم والمبادئ الوطنية وبات الارتهان للخارج امراً يُتباهى به.

فقد لبنان رجلاً نذر نفسه للوطن وعمل طوال حياته لتعزيز دور المؤسسات وبقي صوتا يدافع عن العيش المشترك ويحارب الطائفية مهما علت اصوات الزعماء الشعبويين الذين استغلوا الدين لتحقيق مكاسبهم الشخصية. فؤاد بطرس هو المناضل والمقاوم ضد اسرائيل فحمل قضية لبنان الى منابر الامم المتحدة كاشفا تعدي اسرائيل على الاراضي اللبنانية ومبينا نوايا اسرائيل الحاقدة على اللبنانيين وعلى المسيحيين خاصة.

دافع دائما عن سيادة لبنان التي كانت مقدسة عنده، رافضا اي خروقات للسيادة سواء من جهة خارجية ام من اطراف داخلية. فلا ننسى ان فؤاد بطرس لم يرَ يوما ما حصل في لبنان من حرب اهلية انها حرب الاخرين على ارضنا معتبرا ان اطماع الخارج في لبنان لا تعطي صك براءة للبنانيين لما اقترفوه بحق الوطن وبحق بعضهم البعض.

اليوم، حزننا متضاعف بفقدان رجل مثل فؤاد بطرس لحاجتنا اليه ولأمثاله في زمن ينغمس لبنان اكثر بالطائفية وشلل المؤسسات ولكون لبنان من دون رئيس للسنة الثانية ولالف سبب وسبب. لا يمكن للبنانيين ان يستمروا بهذه الوتيرة وبهذه الطريقة في التعاطي مع بعضهم البعض وفي تعطيل المؤسسات والانتخابات وفي الخلافات الحادة فيما بينهم، فالدولة اللبنانية تموت ببطء اثر تلك الممارسات الخاطئة. يحتاج اللبنانيون اعادة النظر في سياستهم وفي اختيار زعمائهم وفي حساباتهم. كم من القرارات الخاطئة اتخذها اللبنانيون وزعماؤهم؟ كم من التحالفات الخطيرة دخل فيها الزعماء والاحزاب؟

نحتاج كثيرا للوعي السياسي الذي كان يتمتع به فؤاد بطرس ولتعاليم المدرسة الشهابية التي كان يمثلها. لا عزاء لنا برحيل فؤاد بطرس خصوصا عندما نرى ابتعاد اللبنانيين والمسؤولين عن المبادئ التي كان يتبعها. كلما ابتعد اللبنانيون عن المدرسة الشهابية كلما غرقوا في وحول الخلافات الضيقة والخطرة وكلما جروا لبنان الى الهاوية.

نحن بامس الحاجة للمبادئ الشهابية اليوم لانها حبل الخلاص من المآسي التي يعيشها لبنان. فعسى أن يتحلى اللبنانيون بالحكمة والوطنية لمرة واحدة.