Site icon IMLebanon

مع المصالحة التاريخية من دون أي تحفظ

 

 

القضايا الصعبة تقتضي قرارات  كبيرة و… صعبة! مثل القرار الذي إتخذه رئيس تيار المردة ورئيس حزب القوات اللبنانية بـ»طي صفحة الماضي». وهو ليس قراراً كبيراً وحسب، إنما هو قرار تاريخي من شأنه أن يبلسم جرحاً كبيراً ومؤلماً جداً في الوجدان المسيحي والوجدان الوطني اللبناني عموماً.

 

ونبادر الى القول إننا مع المصالحة الجدية بين «القوات» و»المردة». معها من دون أي تحفظ. معها في المبدأ وفي التفاصيل ونبارك سلفاً، للوزير سليمان فرنجية والدكتور سمير جعجع، ونشد على يديهما وندعوهما الى المضي قدماً في هذه الخطوة التي أقدما عليها. نقف مع هذه المبادرة الطيّبة بقدر ما وقفنا من دون أي تحفظ مع «مصالحة معراب» ودعمناها منذ المفاوضات الأولى بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، ولا نزال ندعمها الى الآن، ونضع يدنا على القلب خشية أي نكسة تعترضها.

 

سيُقال ويكتب ويذاع الكثير والأكثر عن هذه المصالحة التي سيتوجها لقاء بكركي بين الزعيمين جعجع وفرنجية، وسيذهب البعض عن صواب أو عن خطأ، وعن حسن نيّة أو عن سوء نيّة، الى أقوال وكلمات وإجتهادات لا حدود لها.

 

وسيعمل آخرون على الحرتقة. وسواهم الى وضع العصي في الدواليب، وسينبش البعض القبور بدعوى الغيرة المزعومة والمحبة الكاذبة لهذا أو ذاك من طرفي المصالحة.

 

من هنا ندعو الحكيم والبيك الى عدم التوقف… كما ندعوهما (ومحازبيهما وأتباعهما) الى أن يديرا «الأذن الطرشاء» لكل ما سيُقال، وأن يجيدا التمييز بين «النصائح» الصادقة وتلك الملغومة…

 

وطبيعي أن يتجه التركيز، في طالع الأيام والأسابيع والأشهر المقبلة الى السفسطة من يربح ومن يخسر من هذه المصالحة التاريخية. وسرعان ما يتدافع الغيارى على التحليل والفذلكه.

 

ونأمل سلفاً ألاّ يكون لهؤلاء أي تأثير. فهذه المصالحة، قبل أن تكون في مصلحة القوات أو المردة، كل على حدة، هي تصب في اقتناعنا في مصلحتهما معاً. وتصب في مصلحة بشري وزغرتا، وتخدم المصلحة المسيحية عموماً… ولكنها قبل هذا وذاك وذلك هي تصب في المصلحة الوطنية العليا.

 

شجاعاً كان سليمان فرنجية في دعوته ذوي الشهداء الى لقاء علني. وموفقاً كان وهو يعلن «نتطلع الى مرحلة جديدة نتخطى من خلالها الماضي». وهذا الكلام ترجمة عملية لما قاله المونسنيور اسطفان فرنجية في مستهل اللقاء في قصر الرئيس الراحل سليمان فرنجية عندما تحدث عن التحلي «بروح المسامحة التي هي من وجداننا المسيحي». ليؤكد رئيس المردة على شعار «عفا اللّه عمّا مضى» وقد تكون آية ما قيل في الإجتماع «سيكون لقاء (بين فرنجية وجعجع) من دون مصالح آنية أو ظرفية… ونحن نعمل ضمن ثوابتنا السياسية ومستمرون في خطنا». وطبيعي أن يكون الدكتور جعجع قد قال كلاماً مماثلاً لأركانه. فليس مفروضاً في أي مصالحة، خصوصاً على هذا المستوى الكبير، أن تكون على قاعد فريق يحتوي فريقاً! وطرفا المصالحة ليسا ممن يمكن إحتواؤهما في أي مناسبة مهما كانت جليلة.

 

إننا نرحّب بقوة بهذه الخطوة المباركة ونصلّي كي تشتد أواصرها، وأن تحمل العدوى الى سائر الأطراف اللبنانية المتخاصمة، أو حتى التي هي على عداء. ونختم مقتبسين من كلمة النائب أسطفان دويهي الذي حضر اللقاء الزغرتاوي: «… التسامح الذي هو رسالة مسيحية عمادها التلاقي والحوار وطي صفحة الماضي».