Site icon IMLebanon

بالاذن مستر أوباما!

هناك شيء غير طبيعي في أداء مستر أوباما، حتى وهو يحاول أن يتصرّف أو يقرر، أن يكون طبيعياً!

هذا رئيس تفرّج ثماني سنوات على حكومة نتنياهو وهي تقضم وتنهش وتسرق الأرض الفلسطينية بالاستيطان، لكنه قرر في آخر أيامه في البيت الأبيض أن يأخذ موقفاً غير مسبوق و«للتاريخ» وأن يسمح لمجلس الأمن بإدانة تلك السياسة من جذورها.. اي كأنه «يضرب ويهرب»! اتخذ القرار وترك لخلفه التداعيات! ما يؤكد في الاجمال أنه شخصية مركّبة وغريبة الأطوار: يعرف الصحّ لكنه يتصرّف بخطأ. و«التزامه» العميق هو لفكرة الهرب من أي مواجهة! وليس فقط «الهرب» الميداني من مسرحي الحربين اللتين ورثهما عن سلفه جورج بوش، في العراق وأفغانستان.

والجرم في حالته مضاعف. لأن موقفه بعدم استخدام «الفيتو» في مجلس الأمن ضد قرار إدانة الاستيطان، يعني أنه قرار صحيح وعادل وواجب! وهو، أي مستر أوباما، يعرف ذلك في الأساس ومن حيث المبدأ. ويعرف مدى تناقض الإجراءات الإسرائيلية مع مساعي واشنطن التاريخية لإنضاج تسوية معقولة، كما مدى تضرر مصالح أميركا من سياسات حكومة اليمين الإسرائيلي في الإجمال. لكنه مع ذلك، آثر الانكفاء إلى الخلف! والاكتفاء بكثرة الحكي! حتى وصل في النهاية إلى عدم الحكي نهائياً عن الموضوع! وعدم القيام بأي إجراء، أياً كان نوعه، من أجل إبقاء «عملية السلام» حيّة تُرزق! الأمر الذي هدّد في الواقع، كل ما تم إنجازه بالفعل!

«ضربته» الثانية تتعلق بالوضع السوري، وهي في واقع الحال تؤكد المؤكد لجهة الكارثة التي ألحقها بذلك الوضع من خلال أدائه وسياساته وأخطائه على مدى السنوات الخمس الماضيات.. بحيث إنه تذكّر اليوم بأن رفع القيود عن تسليح بعض الجماعات السورية ببعض السلاح النوعي هو أمر ضروري وواجب وصحيح! وحرص على تمرير ذلك في خلال مشروع قانون الإنفاق الدفاعي السنوي! أي الموازنة العسكرية العامة!

وطبيعي أن يُقال إن ما هو صحيح اليوم في المبدأ، كان صحيحاً أكثر بالأمس، وفي المبدأ أيضاً! بل المفارقة هي أن أوباما يسمح ببعض الصواريخ المضادة للطيران لبعض فصائل المعارضة في ذروة الانكفاء الأميركي عن الوضع السوري! وهو الذي بقي على مدى المرحلة الماضية يرفض أي إجراء يمكن أن يفيد في المواجهة أكان ضد قوات بشار الأسد أو ضد الجماعات الإرهابية على حد سواء!

حجته (المريضة!) كانت دائماً، التخوف من وقوع تلك الأسلحة في أيدي الإرهابيين! لكن هل انعدم ذلك التخوّف اليوم؟ وبعد سقوط حلب؟ أم أن المطلوب تحقيق بعض الإزعاج للروس ليس أكثر؟ وهم الذين لم يتأخروا في كل حال، في اعتبار الخطوة الأميركية «عملاً عدائياً» و«تهديداً مباشراً» لقواتهم وطيرانهم في سوريا.

قد يكون مستر أوباما في قراريه الإسرائيلي والسوري، يحاول أن يلجم بعض توجهات دونالد ترامب، أكان في شأن قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة أم الانفتاح على موسكو في سوريا وغيرها.. لكن ذلك لا يلغي أن انكفاءه طوال فترتي رئاسته عن المبادرة، كان خطيئة لا تقلل من وطأتها، بعض الاستلحاقات. وكان هروباً من تحمّل المسؤولية لم تقلّل من خزيه، كثرة الثرثرة! بل إن وجوده في موقع القرار في البيت الأبيض، مثّل ذروة العبث في هذا الزمان.. يكفي أن العالم برمّته يعود القهقرى إلى القيم التي سادت ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية! وأن جيلاً عربياً مكسوراً عاش ليشهد نكبة في سوريا بعد تلك التي حصلت في فلسطين!!