لم يغضب السيد حسن نصرالله من الوزير نهاد المشنوق لأنه أثار احتمال الاستقالة من الحكومة. غضب من كل ما قيل في الذكرى الثالثة لاغتيال وسام الحسن، ومن المناسبة نفسها التي كشفت مجدداً أن قتلاً كهذا لا يمكن أن يحصل إلا بمعرفة “حزب الله” وعنايته. والأكيد أن كلمة النائب مروان حماده، التي أعادت تظهير ملف الاغتيالات، استفزّت نصرالله لأنها سلّطت الضوء على السقوط الأخلاقي لحزبه. لذلك هبط باللغة السياسية الى مستوى معيب، تقصّد فيه إهانة شركاء في الوطن قبل أن يكونوا شركاء في حكومة يعطّلها “حزب الله” وحلفاؤه، أو في حوار لم يطمح الى أكثر من “تخفيف الاحتقان” المذهبي.
لا أحد في البلد يملك أن يقول لأي شريك إنه يتفضّل عليه إذا حاوره أو جلس معه في حكومة واحدة، ولا أحد يحقّ له أن يمنع الآخر من إبداء الرأي في أحوال الحكم وفي سلوك مريب لأطراف يمنعون انتخاب رئيس للجمهورية مع علمهم أن موقفهم يجازف بالجمهورية وبالدولة ويضاعف المخاطر على اللبنانيين جميعاً. والأسوأ أن يقال للآخر “اذا مش عاجبك فلّ”، فهذه جلافة في غير موضعها، ولا لزوم لها، لأن التلويح بالاستقالة ليس نتيجة “التمنن” بالمشاركة في الحكومة بل تحذير من تداعيات تعطيلها، وليس نتيجة “التفضّل” بالحوار بل دعوة الى تفعيله. وفي أي حال، لا يستطيع نصرالله التنصّل من تعطيل الحكومة، رغم مديحه للرئيس تمام سلام، ولا من ابقاء الحوار مع “المستقبل” محدود الانتاجية.
وما دام وزير الداخلية والأمين العام لـ”حزب الله” أشارا تحديداً الى الخطة الأمنية للبقاع، والأخص لبعلبك، فإن المشنوق أخبرنا أنها – رغم الحوار – “لا تزال حبراً على ورق وكلاماً معسولاً عن رفع الغطاء السياسي” عن المطلوبين أمنياً. أما نصرالله فتحدّى أولاً بـ”نحن لم نغطِّ أحداً في أي يوم”، ثم أخذ الكلام يميناً ويساراً ليخلص الى أن “هناك من يريد إدخال حزب الله وحركة أمل في البقاع في صراع مع العشائر، لأن شبابنا هم أولاد هذه العائلات والعشائر”. ماذا نفهم؟ هل هناك غطاء حزبي أم لا غطاء للمطلوبين؟ بلى، “الحزب” يمنح حصانته لمجرمين ومهربين ولصوص اعتدوا على حقوق لبنانيين آخرين. أكثر من ذلك، أباح لهم الانتقال الى “ملاذ” سوري، في القصير، ليسكنوا بيوتاً هُجّر أهلها السوريون، وليبعدهم عن متناول الجهات الأمنية للدولة.
في أي حال، أخذ نصرالله النقاش الى مهاترة، ما يعني أنه ليس في وارد المساهمة الايجابية في عمل الدولة، لا في حلحلة ملفات أمنية لا علاقة لها بـ”المقاومة”، ولا في تحريك عمل حكومي لا علاقة له بإشكالات خارجية أو اقليمية. حتى أنه يزكّي قراراً علنياً لحليفه ميشال عون بالتعطيل بدل أن يقول له “اذا مش عاجبك فلّ”.