Site icon IMLebanon

«الانسحاب» الأميركي من المنطقة وراء «تسلّل» المبادرة الروسية

يتواصل غياب الولايات المتحدة على الساحة الشرق اوسطية في ظل ادارة الرئيس باراك اوباما. وهو الانسحاب الذي فتح الباب واسعا امام روسيا لتتدخل، منفردة، تدخلا عسكريا مباشرا في سوريا، ولتحتفظ عبرها بموطئ القدم الوحيد المتبقي لها في هذه الساحة التي كانت تتمتع فيها بمناطق نفوذ متعددة قبل انهيار الاتحاد السوفياتي، وذلك لتأمين مصالحها وخصوصا الاقتصادية.

فالتدخل الروسي هو مبادرة منفردة بكل ما للكلمة من معنى، يقول مسؤول حزبي لبناني سيادي مطلع عن كثب على حيثيات ما يدور في اروقة الادارة الاميركية، نافيا ما يُتداول من تنبؤات بالتنسيق او بكلام تحت الطاولة. اضافة الى ان المصادر الاميركية ابلغت المعارضة السورية ان هدف الروس بالتأكيد إنقاذ نظام بشار الاسد عبر تأمين حماية سيطرته على دمشق والساحل، لكن لا احد يعرف فعليا الى اين يريد ان يصل فلاديمير بوتين، خصوصاً أن هدف القضاء على «داعش» هو مجرد ذريعة. 

فالتدخل الروسي لم يأت مفاجئا بل وكان حتميا حفاظا على المصالح، خصوصا بعد خسارة مناطق النفوذ المتعددة في عهد الاتحاد السوفياتي، بدءاً من ليبيا مرورا بمصر وعدن وصولا الى العراق. كما انه بعد النجاح في سحب جورجيا ومن ثم اوكرانيا انكب الروس على استعادة شبه جزيرة القرم خصوصا بسبب ميناء سيفاستوبل المنفذ الوحيد المتبقي نحو البحر المتوسط امتدادا الى قاعدة طرطوس.

فالانسحاب الاميركي الفعلي من المنطقة، تنفيذا لتعهدات اوباما، سمح لروسيا بالتفرد، خلافا لكل ما يتم تداوله زورا عن تنسيق مسبق مع الاميركيين او حتى عن غض نظر، وفق المصدر الذي لحظ «انزعاجا» واضحاً من تسليم سوريا الى روسيا وايران في بعض الاوساط الاميركية ومن ابرزها الكونغرس، بكل مكوناته الجمهورية، لكنه منشغل بهموم محلية خصوصا بعد فشله في عرقلة انجاز الاتفاق النووي مع ايران. 

ويصف المصدر ردود الفعل الاميركية على ما تشهده المنطقة، قبل التدخل الروسي وبعده بانها «ظرفية« سواء تعلقت بالدعم العسكري عبر مستشارين او بالدعم المالي او التدريب. اضافة الى ما يحكى مؤخرا عن «قوات سوريا الديموقراطية» التي تضم اساسا اكرادا ومسيحيين ومعارضين علمانيين لا يقولون بدولة الخلافة، ومهمتهم أولاً قتال «داعش» من دون ان يعني ذلك انهم لن ينصرفوا لاحقا لقتال النظام الاسدي.

وتعتمد الولايات المتحدة لمواجهة الروس على همة اللاعبين الاقليميين مثل السعودية وقطر وتركيا. فالولايات المتحدة، ورغم الانسحاب الحالي، قد تلتحق بهم في اللحظة الاخيرة لتؤيد قيام منطقة آمنة مثلا اذا نجحوا بفرضها كأمر واقع.

وفي ما يتعلق بلبنان، يرى المصدر نفسه اننا نقترب من نقطة تخلٍّ دولي بشأن تسيير المؤسسات، باستثناء المؤسسة العسكرية. فثمة اجماع في دوائر الامم المتحدة في نيويورك او الادارة الاميركية في واشنطن على مقولة «تعبنا منكم» لكم ان تحلوا عقدة الفراغ الرئاسي وعقدة تفعيل عمل الحكومة لانه لم يعد لدينا ما نقدمه في هذا المجال. اما في الامور الاخرى فما زال الاستعداد قائما سواء بالنسبة لدعم الجيش ولمواجهة معضلة اللجوء السوري اذ ينال لبنان اكبر حصة من الاموال الاميركية في هذا الاطار.

فالاميركيون يرون أنهم ساعدوا اللبنانيين على تأمين الخروج السوري عام 2005 على اساس انهم قادرون على ادارة شؤونهم الذاتية، وهم يرفضون تحميل كامل مسؤولية الفشل لتعطيل «حزب الله». ويتساءلون هل ان مشاكل مثل النفايات او الكهرباء لا تحل إلا بوجود رئيس للجمهورية ما زال منصبه فارغا منذ عام ونصف العام؟، وهل لا بد من الغرق بين تشريع الضرورة وضرورة التشريع واللاتشريع، او بين من يريدون رئيسا للبلاد من حيث ابتدأ اميل لحود مقابل من يريد رئيسا من حيث انتهى ميشال سليمان؟.