Site icon IMLebanon

إنسحابات من إمتحانات الثانوية العامة… والمراقبة «لا تشكيلي بِبكيلك»

46 ألف طالب بدأوا امتحاناتهم الرسمية للشهادة الثانوية العامة بفروعها الأربعة أمس. الدفعة عينُها من المرشّحين الذين مِن حسنِ أو سوءِ حظّهم «زمطوا بريشِهم» منذ 3 سنوات ونالوا إفادات في «البريفه». لذا بدا عبءُ الامتحانات مضاعفاً بين الحنين الطالبي إلى «الإفادات» و»وهرَة» المراقبين، لم يخلُ اليوم الأوّل من سجالات وانسحابات بالجملة.

إنطلقَت المرحلة الثانية من الامتحانات الرسمية لهذا العام وسط تعزيزات أمنية مشدّدة على مداخل المراكز، خصوصاً أنّ المسابقة الأولى كانت في التاريخ لطلّاب علوم الحياة، الاجتماع والاقتصاد والآداب والإنسانيات.

في جولةٍ لـ«الجمهورية» منذ الصباح الباكر على عيّنةٍ من المراكز بدت التوجيهات نفسُها: «اللي عامِل راشيتّا يعطينا ياها». نداءُ أحد الأمنيين وهو يفتّش الطلّاب على البوّابة فتحَ قابليتَهم على التعليقات ولو همساً، «تاريخ من دون تنقيل! ما بتِزبَط»، «بلّط البحر»… .

«لسنا شهود زور»

عند الثامنة والنصف صباحاً قُرع جرَس مدرسة سدّ البوشرية الرسمية للبنات معلِناً لحظة الصفر. المرشّحون في أماكنهم، المراقبون منهمكون في توزيع المسابقات بين الطوابق الثلاثة وفي الاتّجاهين الشرقي والغربي. «كِل دقيقة منِتأخّرا منِعطيكن ياها زيادة»، تقول إحدى المراقبات محاوِلةً طمأنة المرشّحين، خصوصاً أنّ علامات الخوف بدأت تَغمر ملامح معظمِهم.

في هذا السياق، تُعرب رئيسة المركز رجاء نديم جابر عن اطمئنانها لسير الامتحانات، قائلةً: «تضمّ المدرسة 242 مرشّحاً موزّعين على 14 غرفة، غابَ منهم 36 طالباً، وفي حضور 34 مراقباً من أصل 40».

أمّا بالنسبة إلى التعليمات الموجّهة، فتقول: «حريصون على إبقاء الهواتف والكتب عند البوّابة أو مع الأهل، كذلك ذكّرنا المراقبين بمنع وجود راشيتات لأنّنا لسنا شهودَ زور، وكذلك عدم إزعاج الطلّاب وضغطهم، بل التعامل معهم مع وجهٍ بشوش».

إنتهت المسابقة الأولى وسط امتنانٍ عام من أسئلة التاريخ، فتقول الطالبة سيلين إبراهيم: «المسابقة بمحاورها الثلاثة جيّدة ولم تَخرج طبيعة طرح الأسئلة عن النمط المألوف، كذلك أجواء المركز كانت مؤاتية للتركيز».

وأثنى الطالب أنطوني غريب من مدرسة العائلة المقدّسة الفنار على «الأسئلة التي خلت من المفاجآت». أمّا الطالب عصام حردان من مدرسة الأخطل الصغير الذي يتقدّم للامتحانات للمرّة الثانية، فاعتبرَها أسهلَ من العام الماضي، حتى إنّ رفيقه الذي خرَج مرّتين من الامتحان لدواعٍ صحّية تمكّنَ من إنهاء المسابقة.

من جهته، استبعَد رياض أن يُكملَ امتحاناته غداً (اليوم)، «تقدّمتُ من البكالوريا الفرنسية و»مطمِّن بالي»، ولم يتسنَّ لي الاستعداد جيّداً للمواد كافّة وفق المنهج اللبناني».

لماذا الانسحاب؟

ظاهرة الانسحاب من الامتحانات انسحبَت أيضاً على مدرسة سدّ البوشرية العالية للصبيان التي احتضنَت طلّاب فرع الاقتصاد والاجتماع، حيث خرَج 5 مرشّحين منتصف مسابقة التاريخ بعدما أتوا فقط لجسّ نبضِ الامتحانات اللبنانية معتمِدين على الباكالوريا الفرنسية. فيما خرَج أحدهم متأفّفاً من الحرّ في قاعة الامتحان «oh mon dieu il n, y a pas d,AC».

كما لوَّح أحد الطلّاب من آل زعيتر بالانسحاب متذمّراً من غياب حانوت في المدرسة «بدّي فِل لأنّو ما في محلّ للأكل»، وهو يتضوّر جوعاً، فتمَّ تأمين «منقوشة بجبنة» له، إلى حين جرت الاتّصالات وأتى صاحب الحانوت ليبيعَ ما توافرَ لديه من عصير وحلويات.

أمّا عن أجواء الامتحانات، فأبدى رئيس المركز محمد مشيك كامل حرصَه على أن تسير بالانضباط الكافي، قائلاً: «يضمّ المركز 249 مرشّحاً، غاب منهم 20، فيما بلغَ عدد المراقبين 40 وغابَ منهم 2 فقط، التعليمات واضحة، لا بدّ من توفير الأجواء المؤاتية لمن اجتهَد ودرس».

يوم الحسم!

قرابة العاشرة إلّا عشر دقائق تسارَعت دقّات قلوب المرشّحين، على اعتبار أنّ مسابقة الاقتصاد حاسمة. وبعد مرور 3 ساعات، أي الوقت المخصّص للمسابقة، خرَج الطلّاب وملامحُهم تُخبر عنهم، منهم العابس، ومنهم شارد الذهن، ومنهم الممنون. في هذا السياق، تقول الطالبة مرلين سكّر من مدرسة الحكمة جديده، «المسابقة سهلة لمن تمكّنَ من الدورات الماضية، وإلّا ما بخَلّص حالو» …».

كذلك شكّلَ أمس يومَ الحسم لطلّاب علوم الحياة، الذين خضعوا لمسابقة علوم الحياة (3 ساعات)، وفي هذا السياق يقول الطالب جو فادي أبو جوده: «المسابقة جيّدة خَلت من الأفخاخ، رغم أنّ السؤال الأخير بدا طويلاً بعض الشيء ويحتاج إلى التحليل الكافي».

أمّا بالنسبة إلى طلّاب العلوم العامة فاعتبروا اليوم الأوّل أكثرَ من حاسِم، لا بل مصيري، إذ خضَعوا لمسابقة واحدة أساسية وهي الرياضيات، على مدى 4 ساعات.

في هذا السياق، ينقل نقيب معلّمي المدارس الخاصة نعمة محفوض، وهومدرّس مادة الرياضيات، عبر «الجمهورية» «الترحيبَ الإجمالي» الذي لاقته المسابقة، قائلاً: «بعدما نَقلنا تخوُّفَ الأساتذة إلى الوزير مروان حمادة من أيّ تعديلات جذرية في نمط الأسئلة، أعطى تعليماته للِجان الامتحانات، وقد ترجم ذلك في مسابقة الرياضيات.

الأسئلة عادية، غير تعجيزية، وفي الوقت عينه ذات مستوى حافظَت فيه على مستوى الشهادة اللبنانية»، مشيراً إلى أنّه «لم يسمع أيَّ شكوى في صفوف المرشّحين».

أمّا بالنسبة إلى طلّاب الآداب والإنسانيات فقد أنهوا يومهم الأوّل في التاريخ والفلسفة العامّة من دون أيّ ملاحظة تُذكر.

السؤال الذي أربَكهم!

«كيف كانت المراقبة؟». سؤال أربَك جميعَ الطلّاب الذين التقَتهم «الجمهورية»، سواء مَن كان راضياً أو منزعجاً رفضَ الكشف عن اسمِه تخوُّفاً على مصيره أيام الامتحانات التي ستستمرّ حتى الاثنين المقبل.

ولكنْ بدا واضحاً تفاوتُ المراقبة بين المناطق والمراكز، وحتى بين المراقبين تحت السقف الواحد. فمنهم مَن «فشّ» خلقَه من زحمة السير ووصوله متأخّراً إلى المركز، بالطلّاب، ومنهم من وجَد صعوبة في التحدّث على صوت منخفض، فكان صوته يَرعد في أروقة المركز بأيّة ملاحظة هامشية، وآخرون منَعوا طرح الأسئلة قبل معرفة جوهرها.

حمادة

في موازاة ذلك، تفقَّد وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة مراكزَ الامتحانات الرسمية في طرابلس، يُرافقه المدير العام للتربية فادي يرَق ورئيسة المنطقة التربوية في الشمال نهلا الحاماتي ورئيسة دائرة الامتحانات هيلدا الخوري.

إستهلّ حمادة جولته من المدرسة الرسمية الجديدة للبنين، ثمّ انتقل إلى ثانوية حسن الحجة المعروفة بالملعب. وأعرَب حمادة عن اطمئنانه لسير الامتحانات، قائلاً: «تجري الامتحانات في أجواء هادئة وجوّ عِلمي، والطلّاب مرتاحون نفسياً، والمراقبة ممتازة».

وتوقّفَ حمادة عند خبرٍ تداوَلته وسائلُ الإعلام قائلاً: «شابٌّ من حبايبنا تأخّرَ لساعة إلّا عشر دقائق عن الامتحان قادماً من ألمانيا، أريد أن أسأل إذا حصَل أن تأخّرَ الطالب لثلاثين ثانية عن الامتحان في ألمانيا هل يَدخل إلى قاعة الامتحانات؟».

وأضاف: «مِن جهتنا نعطي مجالاً لخمس دقائق وعشر دقائق وفق الظروف القاهرة، ولكن الامتحان هو الامتحان، ولستُ في وارد تدخّل أيّ أحد من أيّ إدارة في وزارة التربية وفي مناقبيتها في مراقبة الامتحانات وتطبيق القوانين، من قمّة الهرم إلى آخر plonton، وهذا يعني كلَّ الوزارات».

في الختام لا بدّ من الإشارة إلى أنّ حمادة سيتفقّد عند التاسعة والربع صباح اليوم متوسطة عاليه الرسمية، وعند العاشرة والربع مدرسة الحكمة برازيليا، ويَختم جولته في مدرسة الشيّاح الثانية المختلطة.