الأمور ليست على ما يُرام، وللأسف الشديد، وأيُّ انطباع آخر هو لرفع المعنويات وهو ليس مبنياً على معطيات.
هذا ما توصَّل إليه تقرير لأحد مراكز الأبحاث الذي يتمتَّع بصدقية عريقة وتكون تقاريره موجودة بانتظام على مكاتب صنَّاع القرار.
التقرير على خطورته، ليس مفاجئاً، فالبلد من يومٍ إلى يوم يسير على حافة الهاوية، من دون أن يكون هناك في الأفق ما يشير إلى أنَّ الأوضاع فيه ستتحسَّن، والموضوع لم يعد مرتبطاً فقط بالإستحقاق الرئاسي بل بالدور الذي يريده البعض للبنان أو بالوظيفة التي يُراد من خلالها توريطه فيها.
إنَّ هذا الدور وهذه الوظيفة بدأت التأثيرات السلبية تظهر بسببهما، وستصيب على حدٍّ سواء لبنانيي الإغتراب واللبنانيين المقيمين.
خلاصة تقارير خارجية، نشرتها صحف عريقة، تشير إلى دولٍ مثل الأردن والسودان وتركيا وغيرها تُخطط إلى أن يحلَّ مواطنون منها محلَّ العمالة اللبنانية في الخليج، ويأتي هذا التخطيط بعدما بدأت عملية ترحيل للبنانيين من تلك الدول، ووقف إعطاء تأشيرات إلى لبنانيين للتوجه إلى تلك الدول.
***
والموضوع لا يقتصر على إعلان نيات من تلك الدول، بل إنَّ وزارات العمل فيها بدأت تضع على مواقعها الإلكترونية توافر وظائف جديدة في دول مجلس التعاون الخليجي.
يعني ذلك أنَّ دول مجلس التعاون اتخذت قرارها باستبدال اللبنانيين بمواطنين من جنسيات عربية وآسيوية أخرى، ويأتي في الطليعة الأردنيون والسودانيون والأتراك بالإضافة إلى الدول الآسيوية ولا سيما الهند وباكستان وغيرهما.
***
بهذا المعنى تكون الرئة الخليجية، وهي المتنفَّس الأكبر بالنسبة إلى اللبنانيين، قد توقفت، ولأنه يستحيل العيش من دون رئة ومن دون أوكسيجين، فإنَّ السؤال المطروح:
ما هي الرئة البديلة؟
إنه السؤال الصعب للجواب المستحيل، فلو كان هناك ما يعوِّض السوق الخليجية والدول الخليجية لكان اللبنانيون يمَّموا هذا الشطر.
***
أكثر من ذلك، وفي سياق المعطيات غير الإيجابية، فإن صندوق النقد الدولي قدَّم توصية تحمل المعادلة التالية:
إستقرار الأوضاع الإقتصادية الكلي يتوقف على تحقيق الأمن والإستقرار السياسي وهذا ما يؤدي إلى اكتساب الثقة.
تأسيساً على ما تقدَّم فإنَّ هذا المثلث الأمن والسياسة والثقة غير متوافر بشكلٍ ثابت في لبنان، وعليه فمن أين يُفتَرَض أن يبدأ التحسُّن والتحسين؟
لا خيار إلا بالعودة إلى البند الأول وهو إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، وموعد 23 آذار يحمل أكثر من مغزى:
هذا التاريخ هو الذكرى السنوية الثانية عشية المهلة الدستورية لإنتخاب رئيس جديد للجمهورية، حيث أنَّ الدستور في مادته 73 يقول ما يلي:
قبل موعد إنتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدة شهر على الأقل أو شهرين على الأكثر يلتئم المجلس بناء على دعوة من رئيسه لإنتخاب الرئيس الجديد وإذا لم يُدعَ المجلس لهذا الغرض فإنه يجتمع حكماً في اليوم العاشر الذي يسبق أجل إنتهاء ولاية الرئيس. بهذا المعنى فإن آذار 2014 كان موعد بدء المهلة الدستورية، نحن اليوم في آذار 2016 وموعد الجلسة 37 سيكون في 23 آذار أي في الذكرى السنوية الثانية على بدء المهلة الدستورية، فهل سنستمر على هذا المنوال؟
إذا كان الجواب بالإيجاب فستستمر المؤشرات السلبية المذكورة آنفاً وسيبقى البلد من دون سقف ومن دون ملاذ ومن دون غطاء.