سبع مرشحات بمواصفات كثيرة وبرامج وضمن لوائح
أسباب عزوف المرأة عن الترشح مرتبطة بالنظام السياسي، الذي يوزّع المقاعد على أساس الطائفة، ويغلّب الطابع الذكوري بالذهنية، ما يجعل احتمال حضورها ضعيفاً. وعلى صعيد قضاء كسروان – جبيل، يدخل في المسألة عامل الوراثة الذي يتم بين الذكور، فتستبعد المرأة. بعد ثورة 17 تشرين، تقدّمت النساء إلى الصفوف الأمامية، وارتفع منسوب الثقة بينهن، فترشحت 7 نساء.
ندى بستاني
على صعيد التيار الوطني الحر، أقصت وزيرة التيار السابقة ندى بستاني، نائب التيار الثري روجيه عازار، الذي على ما يبدو شكا عدد كبير من المحازبين، من «بخله»، ما حوّل بعض لجان المناطق إلى «متسولين» على أبوابه، ليعيدهم مع بعض نصائح بكيفية جمع المال.
لم يقتصر الأمر على هذه النقطة، بل إن بعض السيدات يظهرن تململاً من عمل لجان النساء، اللواتي اجتمعن قبل الثورة وبعدها دون أي فائدة، لتعزيز فكر تقليدي يحجم مشاركة النساء عن الحقل العام ويحصرهن بدور تقليدي. ومع ذلك، دخلت بستاني إلى الترشح في كسروان من باب الوزارة، لتتربع كضيف، دون أن تعدّل جذرياً في هيكلية الحزب. فهل تنجح في العمل السياسي، بعد اعتبار كثيرين أنها فشلت في عملها الوزاري؟ حاولت «نداء الوطن» أن تسألها عن نظرتها إلى المعركة الإنتخابية إلا أنها «أقفلت» الخط مراراً، دون أي إجابة، ليكون بذلك برنامجها الانتخابي «مجهولاً»، متّكلة على «شد عصب» حزبي مناطقي.
كارن بستاني
هذه الحالة تقابلها جرأة وشجاعة عند المرشحة المستقلة على لائحة «القوات اللبنانية» كارن بستاني، التي تلاحق مشاكل المنطقة «دقيقة بدقيقة»، فتلبي طبياً هنا، ولوجستياً هناك لتحل أزمات المولدات فيخيّل إليك أن لا مستحيل أمام هذه المرأة.
المغترب، خزان كارن البشري. كما كان هدفها دائماً ومستقبلاً الربط بين الطاقات البشرية هذه والوطن، وفتح أسواق عمل تؤدّي إلى خلق استثمارات تؤمّن فرص عمل للشباب، الذي يبحث عن مكان ودور ينطلق منهما باتّجاه طموحه. لذا تؤمن أن» العلاقات الدوليّة التي نسجتُها هي المُساهم الأوّل في ترجمة التنمية التي أطمح إلى تشريعها عملياً في حال الوصول إلى مجلس النواب».
تثور كارن على الماضي، فعلى حدّ تعبيرها «لم نشهد أيّ خطوة جديّة ملموسة تُحيي مفهوم التنمية البشريّة والإقتصاديّة، وخسرت السلطة السياسية في لبنان ثقة المغتربين». تركيزها يذهب نحو كسروان، كما مختلف المناطق، لأنّه بحسب توصيفها «هذه المنطقة تكتنز الطاقات الإستثنائيّة في الصناعة والزراعة والطبّ والهندسة والتجارة والإنتاج، ولم يُصَر طيلة السنوات الماضية إلى إطلاق مشروع مستدام للمستقبل، لا تدخل فيه الحسابات الإنتخابيّة التي دفع ثمنها الشباب الكسرواني، ويجمع المشروع الطاقات من مختلف المجالات على طاولة واحدة في كلّ منطقة لوضع أوّل حجر أساس نحو الهدف التنموي، بالتعاون مع المغتربين».
تشخّص مشكلة لبنان في تحديد «خلل كبير في النظام السياسي والإداري في لبنان، وهذا الخلل أدّى إلى الإطاحة بسيادة الدولة وشرّع أبواب الوزارات والإدارات أمام بازارات الفساد وحوّل عدالة القضاء إلى مادّة سياسيّة والقضاة إلى «كبش محرقة» بيد السلطة السياسية». وأمام هذا الإنهيار الشامل، تتبنى اللامركزية.
تخبر كارن عن محاولة تشكيل لائحة تغييرية من المجتمع المدني بالتعاون مع الوزير السابق زياد بارود الذي عزف عن الترشح، إلاّ أنّ المرشّحين توزّعوا على اللوائح وتضيف «فخسرنا فرصة خوض معركة انتخابيّة موحّدة تمثّل 17 تشرين»، وكان خيارها الأقرب إلى قناعاتها على حد قولها التحالف مع حزب «القوات اللبنانية» ضمن لائحة تضمّ 4 مستقلّين ومرشّحاً حزبياً».
«علينا اليوم كمرشّحين تغييريّين إيقاظ الأكثريّة الصامتة» تقول، إذ هناك 51 بالمئة من اللبنانيين الذين قاطعوا الإنتخابات النيابية في العام 2018 وهو الأمر الذي ساهم بشكل كبير في بقاء هذه السلطة بكتل نيابيّة لا تعكس حقيقة التمثيل في لبنان والإغتراب.
تخاطب بستاني العقل والضمير في كسروان، وليس فقط القواتيين المنتمين إلى الشارع السيادي، الذي نزل إليه مليون لبناني في 14 آذار 2005، وشاركوا سابقاً بتظاهرات ونشاطات ضد الوجود السوري، لأنّ على حد توصيفها «هدفي العمل مع أوسع شريحة من المجتمع المدني الكسرواني للخروج بمشروع تنموي يعيد المنطقة إلى العالميّة التي وصلت إليها في عهد الرئيس فؤاد شهاب، وهذا الأمر يتطلّب ممارسة ذهنيّة جديدة ومتحرّرة من الحسابات السياسية». تتحالف اليوم مع «القوات اللبنانية» انطلاقاً من استقلاليتها التي لا تتخلى عنها.
الرابط بين المرشحات
الرابط بين المرشحات هو التوحّد خلف اللامركزية الإدارية فمن جهة تعوّل المستقلة جوزفين زغيب عليها، لتعلق بحبالها نشاطها منذ عام 2005 ومشاريعها كعضو في بلدية كفرذبيان، ومن جهة أخرى تشاركها المحامية زينة كلّاب ذلك. الاثنتان لم تنضما إلى أي لائحة بعد، والفرق بينهما أن عين كلّاب على تفعيل المحافظة عبر تعيين محافظ للمباشرة بإجراءات اللامركزية. قبيل تشكيل اللوائح تصرّ كلّاب على رفضها الدخول إلى لائحة تقليدية أو حزبية لأنها لم تجد هويتها ولا تتقبل أن تتحول إلى «ديكور» في اللوائح معتمدة منهج «تسمية الأمور بأسمائها» دون أن يكون لها رصيد مالي ضخم لتمويل حملتها، المقتصرة على لقاءاتها المباشرة ومنصات التواصل الاجتماعي.
نجوى باسيل
هذا الجهد الذي يدور حول اللامركزية، لو جُمع في لائحة واحدة لانتعشت كسروان، خصوصاً أن التمويل مؤمن من طاقات كارن البشرية وخبرة العضو السابقة في بلدية جبيل نجوى باسيل، والتي هي على تماس مع الجهات المانحة، بحكم أنها مستشارة مشاريع تنموية. استقلالية باسيل رصيدها المدعّم بالمهنية، لذا قررت الترشح تحت إطار لائحة النائب السابق نعمة افرام المتحالف مع الكتائب اللبنانية والاثنان بنظرها تغييريان ومواقفهما تشي بذلك على حد تعبيرها. تنظر إلى مستقبل العمل البرلماني، مضيئة على احتكار الملفات بيد أشخاص معينين من النافذين، معتبرة أن ذلك لا يعني أن الاقصاء يستهدف النساء. هكذا تحمّل الناخب مسؤولية قراره في وقت سابق، والذي أدى إلى الحال هذه، مطالبة هذا المواطن أن يراجع نفسه. تستهدف نجوى من يعتبر أنه آن وقت التغيير لكفّ يد الفاسدين عن الفساد، والصوت الجبيلي، مسقط رأسها، حيث سيتمركز الصوت التفضيلي. ومن جبيل أيضاً تنطلق حملة رانيا باسيل، التي تمثل حزب 7 على لائحة مستقلين، التي لم تحسم بعد بشكلها النهائي. رانيا متحمسة على قانون التغطية الطبية الشاملة، وستعتمد مركز الحملة عيادتها في جبيل، لتحاضر حول التغطية الصحية والبطاقة الشاملة، كما ستلاحق ملف الزراعة كي لا يتلف المحصول الزراعي.
مستقلات ومرتبطات
بموازاة المستقلات المتّكلات على ملل المواطن من هذه الطبقة السياسية، بلا تجارب حزبية سابقة، تظهر بحزم ونفس قوي جولي دكاش. دكاش تترشح على لائحة افرام لتخوض المعركة ضد المنظومة المتحالفة بين بعضها البعض، والمتمثلة بمنظومة السلاح والفساد، والتي تمنع قيام الدولة وتعزز الزبائنية. تسعى لكسب تأييد الرافضين لهذا الواقع المفروض عليهم بأحزابه التي لم تعد تمثلهم واللاعبين الذين يملون شروطهم وقواعد اللعبة وميزان القوّة. تحمل جولي في خطابها كل القرارات الدولية، لتلتزم بموضوع الحياد واستعادة الأموال المنهوبة، وهذا الخطاب بنظرها ميزتها. لكن جولي بالنسبة إلى «العونيين» أكثر من ذلك، هي الذكرى الجميلة من أيام النضال عندما نبعت حركتها عن أمل بالتغيير منذ عام 89، بغض النظر عن تفاصيل تناقضات الرئيس ميشال عون، الذي غيّر مسيرته مع توقيع ورقة التفاهم، التي لم تستسغ الالتزام بها. دكاش تود أن ترسل رسالة مفادها أن «المراة قادرة، ويمكن خلق جو تغييري داخل كسروان وكسر الهالة الإقطاعية الزبائنية التقليدية التي تكبل الكسروانيين بالوجاهات».
تفسير الظاهرة
يفسرّ الباحث السياسي شادي نشابة ظاهرتين، النسبة القليلة لحضور المرأة في الانتخابات رابطاً إيّاها بالموروثات وظروف الحرب، إذ مشاركتها في الحياة الحزبية ضئيلة. والثانية غلبة المستقلات على الحزبيات، حتى مع ارتفاع الصوت في السنوات المنصرمة، خصوصاً أن حسابات اللوائح، في ظل هذا القانون هو على عدد الأصوات، فيلجأون إلى النساء من منظار استقطاب انتخابي مستندين إلى تاريخهن العائلي والاعداد والتمويل الذي يجذب الأحزاب تحت عنوان «مستقلات» على حد تشخيصه. يحدد نشابة أن كل دائرة لها حساباتها الانتخابية، لذا الحزبيات لا يتم تبنيهنّ مباشرة، فالتحالفات تفتح مجالات على حساب النساء أو من حسابهن.
مؤسِّسة ورئيسة «مدنيات»، ندى عنيد تعلل انخفاض نسبة الحزبيات على اللوائح بان «الاحزاب لم تنمِّ قدرات الكوادر من النساء، لتكون الحزبية الوحيدة في كسروان ندى بستاني».
في ظل هذا الواقع، يبقى السؤال: هل تعبر امرأة كفوءة من كسروان – جبيل الى البرلمان؟