IMLebanon

قوى الاعتراض للنساء: «بدنا وما خلّونا»

 

 

أن تكون نسبة المرشّحات على اللوائح الانتخابية لقوى الاعتراض 22%، ومن بينها 7 لوائح خالية تماماً من الحضور النسائي، يعني أن عدم اقتران الشعارات بالتطبيق ليس حكراً على الطبقة الحاكمة التي تعايرها تلك القوى ليل نهار بذكوريّتها، وهو ما لا خلاف عليه. إقصاء النساء، عند أول اختبارٍ جدي لمن صدحت حناجرهم في تشرين 2019 مناصرةً لقضاياهن، يعني أيضاً أن ليس كل من عارض النظام هو حكماً صاحب خطابٍ تقدّمي، حاملاً لقضايا النساء والفئات المهمّشة، وليس بالضرورة مؤهلاً لرفع التمييز القائم على النوع الاجتماعي، وجعل العلاقات الاجتماعية أكثر عدالة، وهو المبتغى من المطالبة بحضورٍ وخطابٍ نسوي داخل الندوة البرلمانية.

 

كما بات معلوماً، أقفل باب الترشيح للانتخابات النيابية المزمعة في 15 أيار المقبل على 1043 مرشحاً، بينهم 157 مرشحة، انخرطت 118 منهن في 64 لائحة انتخابية من بين اللوائح الـ 103 المتنافسة، مقارنة بـ 111 مرشحة في انتخابات عام 2018 انخرطت 86 منهن في اللوائح، أي أن نسبة الترشح لدى النساء زادت 37% عن انتخابات 2018. وهذا ما تعيده الناشطة النسوية حياة مرشاد إلى «توق النساء إلى التغيير، وامتلاكهن شجاعة أكبر بعد انتفاضة 2019 التي كان لها الدور الأساسي في كسر حواجز الخوف والممنوعات وتحريك اللبنانيين بشكلٍ عام والنساء كشريحة من الشرائح المعنية بالتغيير بشكلٍ خاص».

 

 

تصدّر النساء للصفوف الأمامية للانتفاضة، وإبداء رغبتهنّ في المشاركة بالحياة السياسية عبر الترشح لاحقاً، لم تتلقّفه معظم قوى الاعتراض، فنظرة إلى اللوائح الانتخابية لهذه القوى توضح ضعف المشاركة النسائية فيها، إذ إن 7 لوائح لا تضم أي مرشحة، و11 لائحة تضم مرشّحة واحدة. على صعيد الدوائر الانتخابية، يغيب الحضور النسائي في الجنوب الثالثة، ويتراوح بين 6% و7% في جبل لبنان الأولى والثانية والبقاع الثالثة، أما في بيروت الأولى فارتفعت إلى 24%، لتبقى النسبة الأكبر (27%) في دوائر البقاع الثانية وبيروت الثانية. بالنتيجة، شكّل الذكور 78% من مرشحي المعارضة مقابل 22% للنساء. وفي البحث عن الأسباب والخلفيات تبرز مجدداً الاعتبارات السياسية وأولويات ومقتضيات التحالف وتشكيل اللوائح بين القوى المختلفة، وهي نفسها الحجج التي تتلطّى خلفها الأحزاب الحاكمة لتبرير تهميشها للنساء، إذ لم يكن ينقص قوى الاعتراض إلا القول «كان بدنا وما خلّونا». هذه النسب أتت مفاجئة للحركات النسوية، كما تشير مرشاد الرافضة إضفاء صفة التقدمية على كل لوائح المعارضة «الملامة على تغييب السيدات بدرجة أكبر من أحزاب السلطة».

لم تكن الأنظار لتتجه نحو لوائح النظام الانتخابية، حيث يصبح قياس مدى المشاركة النسائية فيها غير ذي جدوى بما أنها مشاركة فارغة إلى حدٍ ما من معناها، طالما أن قضايا النساء غير متبناة من الأحزاب الحاكمة الرافضة لإقرار قانون موحّد للأحوال الشخصية، وإدخال تعديلات على قانون الجنسية، وقانون العنف الأسري وغيرها الكثير من المطالب التي لطالما ناضلت نساء لبنان في سبيل تحقيقها بغية رفع التمييز الحاصل على مختلف مستويات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ومن أجل هذا الخطاب بالتحديد، من الطبيعي تسليط الضوء على من طرح نفسه بديلاً من الطبقة الحاكمة، وربما عليه مراجعة ما إذا كان على قدر هذه «الشطحة»، في ظل حضورٍ خجولٍ جداً لقضايا النساء ضمن البرامج الانتخابية للتحالفات والائتلافات المُعارضة. بل أبعد من ذلك، كيف يمكن للبديل الاكتفاء بذكر قضايا النساء دون إرفاقها بخطة عمل توضح كيفية تحقيقها، وإبقائها تالياً في خانة الشعارات. أوَليس ذلك تماماً ما تفعله قوى السلطة؟

 

في أول اختبار انتخابي تخلّت قوى الاعتراض عن النساء كما تفعل أحزاب السلطة

 

 

تتحدّث مرشاد عن معيارين لقياس مدى تمثيل النساء، أولاً «حضورهن على طاولة القرار لبحث قضاياهن، بدلاً من احتكار النقاش والبتّ فيها على الرجال، حتى وإن كان بعض المرشحين المعارضين اليوم مؤمنين بها، فذلك لا يمنحهم الحق بإبعاد المرأة عن الحياة السياسية»، مروراً بالبرامج الانتخابية «التي كان يجب أن تعكس ما نادى به هؤلاء في 17 تشرين، وتشكل خريطة طريق لاستكمال النضالات من داخل الندوة البرلمانية، والقول إن الخطاب النسوي حاضر بقوة لئلّا تكون النساء زينة اللوائح كما في حالة الأحزاب التقليدية»، وتخلص إلى ضرورة «التفكير بجدية بالثقافة الذكورية المتغلغلة والبيئة الاجتماعية والمساحة الذكورية التي من الممكن أن تخلُق اللوائح المعارضة»