يحلّ فصل الربيع بشهر أعياد المرأة والأم، على أمّة تفاءلت بربيعها، وحلمت بأزهاره وخيراته..، فإذا بها تحصد الخيبات والمآسي..، تتنشّق باروده، وتُلملم جراحه!
أين هي المرأة العربية في عيدها؟ بل أين هي المرأة اللبنانية في العام 2015؟ أين دُفنت صاحبات الكفاءات، وأين وئدت حقوق نساء، لا زلن يشعرن أنهنّ حرف ناقص في مجتمع ذكوري، لم يُنصف الإنسان فيه حتى يُنصف المرأة!
في حين تنبري المجتمعات المتطوّرة إلى دعم كل طاقاتها بغضّ النظر عن الجندر الذي يحملها، وحيث تبوّأت المرأة أعلى المراكز، من الرئاسة إلى الوزارة، إلى عالم الأعمال، وصولاً إلى كامل حقوق المواطنة للأم تجاه أولادها.. لا تزال المرأة اللبنانية تعيش تحت رحمة الكوتا النسائية في مجلس النواب، التي لم تتحقّق بسبب تعنّت مجتمع لم ينجح في الإتفاق على رجاله، فكيف له أن يُنصفها؟
ولا تزال الوزيرة حالة إستثنائية يُمهِّد لها ظرف معيّن، أو يصرّ مسؤول على «تزيينها» لمجلس الوزراء، كما أصرّ الرئيس سليمان في الحكومتين الأخيرتين على توزير منى عفيش وأليس شبطيني.. وإلّا لما كان على بال حزب أو فريق إستثمار طاقات المرأة الفاعلة في صفوفه!
أمّا الأم اللبنانية، فهي الأصعب لأن معاناتها متعدّدة الأوجه! فجملة الحقوق المهضومة تمتد وتطول يوماً بعد يوم، فلا هي قادرة على إعطاء الجنسية لمن يسري بعروقهم دمها اللبناني، ولا قانون العمل أنصف من يُطلب منها أن تكون أماً عاملة، أسوة بالبلاد المتحضّرة، فإذا بشروط توظيفها هي أكثر منها تعجيزية، بدءاً من إجازة الأمومة، وصولاً إلى الفروقات بالأجور، وتقديم فرص العمل! ويوم تقرّر الأم العاملة أن تهدي فلذة كبدها مدّخراتها، فإذا بها تُفاجأ بنظام مصرفي متخلِّف، شأنه شأن من وضعه ومن احتلّ كراسي البرلمان دون أن يطوّر في قوانينه قيد أُنملة، فتُمنع الأم من فتح حساب لولدها، فتودع في حساب تحت وصاية الأب فقط!
إنه القرن الواحد والعشرون على الورق، ولكن في عقول المجتمع الذكوري الذي نعيش فيه، توقّف الزمن منذ عقود، وتمدّد العجز إلى سائر مرافق الدولة، فلم تتطوّر القوانين، وبقيت السلطة ترمز إلى قالب الحلوى، الذي يُريد الكل حصته فيه دون أن يتكبّد عناء طهيه أو حتى تحضيره!
لقد أمعن الإنسان في تعذيب من أعزّها الله في كُتبه، فترى الزوجة المعنّفة إلى حدّ الموت، والأم المفجوعة إلى حدّ الموت أيضاً، والإنسانة المُحبطة، ذات الأحلام المشتّتة والطموحات المستحيلة.. المرأة المضطهدة والمُعتدى عليها..!
فأين حُماة القانون ومشرّعيه؟ ومتى يتحرّر أسرى الطائفية والمحسوبيات والمصالح الضيّقة لينطلقوا إلى فضاء العدالة الإجتماعية، والتقدّم الحقيقي نحو أنظمة متطوّرة، تُنصف كرامة التي هزّت السرير بيمينها.. وأعدّت شعباً طيّب الأعراق.. وكانت وراء كل عظيم في المجتمع الإنساني!