يتميز أهالي الحي الفوقاني من عيتا الشعب، في جنوبنا الحبيب، عن أهالي شحتول التحتا في كسروان الأبية، بأن أهالي البلدة الجنوبية لديهم حرية حركة ومناورة، شباباً وشيباً وربّات منازل، فإن وجدوا أن دورية إيطالية – غانية تخطت الحدود المرسومة لها، تصدّوا لها بالحجارة أو صادروا أسلحتها أو حاصروها، وإن أقدمت معزاية رفّول على التهام قرني فول من حديقة مخول في شحتول، يحتكم المُعتدى على “فولاته” إلى القانون المرعي الإجراء ويرفع شكواه إلى حضرة الشاويش.
كما يتميز معظم أهالي بنت جبيل وصور وقضاء مرجعيون، بحسن التنظيم، وسرعة المبادرة، والقدرة الفائقة على المناورة والإطباق إن استشعروا خطراً أو أمراً مريباً، وجرت العادة، أن بعد كل انفجار في مبنى مهجور، يطوّق الأهالي الموقع، ويقطعون الطريق على اليونيفيل ومن تسوّل له نفسه معاينة أرض الإنفجار.
وما ينطبق على أهالينا في الجنوب وكسروان ينسحب على أهالينا في ضاحيتي بيروت الجنوبية والشمالية. أهالي الضاحية الشمالية دائماً وأبداً تحت سقف القانون، وأهالي الضاحية الشموس تحت سقف “الحوزب”. ومن ينسى إغارة سرية من لواء النسوة المدولب على عيادة الدكتورة ايمان شرارة، ذات يوم من أيام الـ 2010 فيما كانت تستقبل محقّقَين دوليَّين ومترجمة وصلوا إلى عيادتها بمواكبة من قوى الأمن الداخلي بناء على اتصال وموعد! وفي المعلومات عن تلك العملية أن إحدى السيدات المقتحِمات “حلَشت” المترجمة من شعرها وأن المحققَين الدوليين لاذا بالفرار بعدما انتزعت من أحدهما حقيبة يد كانت تتضمن وثائق. القضاء اللبناني وضع يده يومذاك على العملية وفتح تحقيقاً وما زال التحقيق مفتوحاً إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
في الأيام الأخيرة، وقعت غير مواجهة على أرض الجنوب المقاوِم، منها واحدة بين سرية مشاة من فوج الأهالي الأول، وبين دوريّة من اليونيفيل، على خلفية تجاوزها خطوط سيرها وأخرى بسبب تركيب كاميرات مراقبة على مراكز اليونيفيل الحدودية لحمايتها. وفي الحالين تخطٍّ لطبيعة المهام الموكولة إلى القبعات الزرق المقتصرة، بحسب الأهالي، على تلوين الحدود الدولية، فتح المستوصفات، تركيب مضخات تكرير للمياه، تأمين خدمات بيطرية، الإشراف على مشاريع تنموية، إقامة علاقات طيبة مع المخاتير… أما مسألة “اتخاذ ترتيبات أمنية لمنع استئناف الأعمال القتالية، بما في ذلك إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية مــن أي أفــراد مسلحين أو معدات أو أسلحة” كما نص القرار 1701، فهذا البند بالتحديد لم يناقشه الأهالي مع أمين عام الأمم المتحدة كوفي أنان وبالتالي فهم غير ملزمين به.
وأخشى ما أخشاه اليوم، أن يقدم الأهالي، كقوة أمر واقع، على عمل متهوّر يعيد التوتر إلى الساح الجنوبية، ما يضطر الخارجية اللبنانية إلى طلب نشر بوليس دولي بين اليونيفيل والأهالي.