Site icon IMLebanon

المرأة تحكم العالم…. واللبنانيّة تتفرّج

بعَين مزرَقّة ونصف مفتوحة ويدين ترتجفان ألماً، تجلس جانيت على كنبتها تمسح دموع الذلّ وحقارة عيشتها، تشاهد نشرات الأخبار المسائية وتتابع فيها أخبار وصول السيدة تيريزا ماي إلى رئاسة حكومة بريطانيا، الدولة العظمى التي تحكمها إمرأة منذ أكثر من 60 عاماً.

كنبة جانيت تحوّلت بفِعل القمع الزوجي سجناً يومياً، والتلفزيون نافذة على عالم يتغيّر يومياً ويتّجه أكثر فأكثر إلى مَنح السلطة في أكبر دول العالم إلى النساء… هيلاري كلينتون تتسوّق لاختيار ملابس حفل تسلّم رئاسة الولايات المتحدة الأميركية، وأنجيلا ميركل تستفيق كلّ صباح لإدارة ألمانيا، واحدة من أكبر الدول الصناعية في العالم، وماي تشرب القهوة في 10 داونينغ ستريت… وجانيت، تنتظر في لبنان زوجها لتحضّر له المأكل والمشرف وتغسل ثيابه وتنظّف خلفه، وإلّا أكلت من الخَبيط دِبسُه وسمعت من الشتائم خَمرُها… لأنّ خطّ الحقوق مقطوع.

العالم يقترب من نهاية 200،000 سنة من التاريخ البشري الذي تَحَكّم الرجل بمَفاصله، ليبدأ حقبة تاريخية جديدة تكون فيها السطوة للمرأة سواء في السياسة أو الاقتصاد أو الاجتماع… وسيتحوّل الرجال في الشرق والغرب دونكيشوتات مسعورين يقاتلون ظلالهم وأوهامهم وأحلامهم وهم يشاهدون العالم الذي عملوا آلاف السنين على بنائه ينهار أمام أعينهم، وستوضع أدمغتهم في حال من الذعر والهلع والارتباك، وسيكون هناك بكاء وقضم أظافر.

العالم يسير على درب التغيير القسري والمُحتّم، وجانيت ما زالت عالقة في مجتمع لبناني نَصّب الذكورية إلهاً على مؤسّساته ومعتقداته ومبادئه، وفي دولة لا تمنح المرأة أي حقوق لا في المحاكم الشرعية ولا في الدوائر العقارية والقانونية ولا في الجنسية والعنف الأسري والاغتصاب وجرائم الشرف، و«شو بَدكُن تِعتير في».

المرأة اللبنانية المعنّفة هي ضحية يد الرجل وقوته، واللبنانية المشغولة بعمليات التجميل للنفخ والرفع ضحية عين الرجل وشهوته… وكلّ من هذه النساء تجلس على كنبة مختلفة وفي سجن مختلف، ولا تعرف رقم المحطّة التلفزيونية التي تقول لها إنّ هناك اليوم 22 سيدة يَحكمن 22 دولة حول العالم، وإنّ الأمم المتحدة تستعدّ لتنصيب كريستينا فيغوريس أمينة عامة لها، وكريستين لاغارد تستعدّ لولاية ثانية في رئاسة صندوق النقد الدولي.

جانيت، أنتِ لست ضحية… جانيت أنتِ قوّة عظمى… إنهضي من كنبتك فالعنف لا يليق بك، وانهضي من كرسي التجميل فالسخافة والسطحية ليست من شيَمك… يكفيك «فِرجة»، قومي إلعبي دورك وكوني قائدة، لأنّ رجالنا أضاعوا الوطن وخرّبوا الجمهورية إذ على كيس نفايات لم يستطيعوا الاتفاق…

إذا كانت المرأة قديرة على الدول الكبيرة فلا شيء سيقف في وجهها في الدول الصغيرة.