Site icon IMLebanon

كلام خليجي لا يخلو من الصراحة..!

لولا وجود اللبنانيين العاملين في دول مجلس التعاون الخليجي، لكان لبنان مغيباً بالكامل عن الاهتمام الرسمي، وفي أجهزة الإعلام، وفي مظاهر الحياة اليومية الأخرى!

ويستطيع الزائر لدولة الإمارات العربية، أن يلاحظ حجم التراجع الرسمي والشعبي ببلد الأرز، الذي كان يوماً يحتل المراكز الأولى على لائحة المتابعة من مختلف الأوساط والنخب، السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، حيث كانت بيروت هي وجهة السفر المفضلة لدى أكثرية مواطني دولة الإمارات.

ولا تحتاج إلى وقت طويل، حتى تستنتج أن حالة الإهمال، أو على الأقل عدم الاكتراث بالوضع اللبناني، ناتجة عن واقع صادم من الدوامة المتعبة التي يدور فيها الوضع اللبناني، والذي بلغ أسوأ مستوياته في السنة الأخيرة، عندما تنكر مسؤولون لبنانيون لعلاقات الإخوة التي تربط لبنان بالأشقاء العرب، وصوّتوا خارج الإجماع العربي، في قرار يعني الصراع العربي الحالي، خاصة الخليجي، مع إيران.

يقول محدثي الخليجي، بلغة لا تنقصها المصارحة : جماعتكم يريدون المساعدات والقروض الميسرة، وحتى الهبات، لإعادة إعمار ما يدمرونه في حروبهم الداخلية، أو لإزالة آثار الاعتداءات الإسرائيلية المدمرة للبنية التحتية اللبنانية، أكثر من مرة، وعندما تحتاج الأمور الخليجية إلى وقفة أخوية، هي لا تسمن ولا تغني من جوع، ولكن لقيمتها المعنوية والتضامنية مع دول الخليج، نرى أن المسؤولين لا يتورعون عن خذل أشقائهم، ويتناسون روابط الإخوة والدم، ويخضعون لضغوط إيران وحلفائها عندكم!

ويتابع محدثي، وهو من عشاق بيروت والجبل اللبناني: لقد اعتاد إخواننا اللبنانيون على سياسة التسامح والتفهم، التي طالما أظهرتها القيادات الخليجية تجاه لبنان، من باب الحرص على هذا البلد وصيغته الفريدة في المنطقة، فضلاً عما كانت تربط قياداتنا السابقة من علاقات أخوية وذكريات وجدانية مع البلد وزعمائه وأهله. يضاف إلى كل ذلك أن بلداننا كانت تنعم بحالات راسخة من الأمن والأمان والاستقرار، وكانت اهتماماتنا تنصب على القضية الفلسطينية، ومعالجة الخلافات بين الأشقاء، خاصة خارج المنطقة الخليجية. أما اليوم فالوضع مختلف جذرياً: التدخل الإيراني في شؤوننا الداخلية وصل إلى الخطوط الحمر، والفتن المشتعلة في الإقليم تهدد أمننا، والحرب في اليمن تستهلك من مدخراتنا السيادية، وأسعار النفط تحولت إلى أداة ضغط بأيادي من يتربصون فينا شراً، ومتطلبات التنمية والتطوير في بلادنا تكبر وتزيد، سنة بعد سنة، كل ذلك، وغيره كثير فرض على القيادات الشابة في بلداننا إعادة النظر بسياسات التسامح وغض النظر عن أخطاء وإساءات بعض الأشقاء لنا، واعتماد سياسة أكثر واقعية، وأكثر جدية تجاه كل من يتصرّف معنا خارج علاقات الإخوة، ومعايير الالتزام المتبادل في الملمات والأزمات.

وسألت محدثي بشيء من القلق: وهل يعني هذا الكلام أن لبنان ما زال «معاقباً»، منذ حصول ذلك التصويت المشؤوم؟

فأجاب بصراحته المعهودة: المسألة يا عزيزي لا تتعلق بالثواب والعقاب، بقدر ما هي سياسة واقعية تضع مصلحة الدولة في المكان الأول، بعيداً عن أساليب العواطف واساليب بوس اللحى.

وتابع: ومن قال لك أن المشكلة بقيت هناك في جلسة التصويت الأسود. لقد أثبتت التطورات المتتابعة أن إيران اتخذت من لبنان منبراً وقاعدة لتحركاتها في المنطقة، والكثير من الكوادر الحوثيين والبحرانيين، مثلاً، تلقوا تدريبات سياسية وإعلامية وعسكرية في لبنان، وحملات «حزب الله» لا تتوقف ضد بلداننا وقياداتنا!

وما هو قراركم بالنسبة للسفر إلى لبنان، وخاصة في الصيف المقبل؟ سألت.

ردّ بشيء من الديبلوماسية هذه المرّة: لم نتبلغ من قيادتنا أي قرار جديد، يلغي ما اتخذ من إجراءات في السنة الماضية!!