Site icon IMLebanon

كلام.. بالنظام!

إذا كانت جلسة الانتخاب اليوم محكومة بنصوص دستورية وبروتوكول محدد كما في المادة 75 ـ دستور التي تعتبر «المجلس المنعقد هيئة انتخابية… ويترتب عليه الشروع حالاً في انتخاب الرئيس من دون مناقشة أو أي عمل آخر». إلا ان الكلام بـ «النظام» يمكن ان يخرق النص إذا ما لجأ إليه احدهم، وهذا الأمر متوقع، بعد ان اعلن «تكتل الإصلاح والتغيير» منذ حوالي الأسبوعين ان الفوز يكون بالأكثرية المطلقة، معتبراً ان دورة الانتخاب الأولى وفق المادة 49 ـ دستور قد تمت عندما انعقد المجلس لانتخاب الرئيس في 23 نيسان 2014.

أي قبل حوالي السنتين ونصف السنة، وهي الدورة التي يتطلب فيها الفوز أكثرية الثلثين من عدد النواب الذين يتشكل منهم المجلس قانوناً، وهذا ما يستدعي بالضرورة رفض رئاسة المجلس الملزمة بتطبيق احكام الدستور، الأمر الذي قد يؤدي إلى «معركة تنازع بقاء» بين اكثريتين: أكثرية الثلثين والأكثرية المطلقة.

فأكثرية الثلثين ظهرت مرة واحدة من بين 46 دعوة لانتخاب رئيس الجمهورية وكان ذلك في 23 نيسان 2014 أي قبل حوالي السنتين ونصف السنة. ومنذ ذلك التاريخ عقد المجلس عشر جلسات تشريعية وانتخابية وغير ذلك اقر فيها سبعين مشروعاً واقتراح قانون.

واللافت للانتباه في جلسة 23 نيسان ان من بين الذين شاركوا في تعطيل نصاب جلسات الانتخاب التي أعقبت تلك الجلسة، من هم اليوم في خانة المؤيدين لانعقادها. ومنه أيضاً من كان المنافس الوحيد للعماد عون وجرت دورة الانتخاب بالثلثين على أساس تلك المنافسة. أما اليوم، فإنه صار من الداعين الأساسيين لانتخاب منافسه السابق، فكيف يمكن احتساب تلك الجلسة للبناء عليها باعتماد الأكثرية المطلقة اليوم خصوصاً وان عدداً كبيراً من النواب الذين كانوا مع مرشح ما في نيسان 2014 باتوا اليوم مع المرشح الآخر، فكيف يمكن تجاهل تلك التغييرات المشروعة أساساً لتحميل انتخاب وزر المرحلة السابقة والتغييرات السياسية التي تمت؟

وما هو مهم هنا العودة إلى المادة 49 ـ دستور التي حكمت جلسة الانتخاب، وهي تنص على ان ينتخب رئيس الجمهورية بأكثرية الثلثين في دورة الانتخاب الأولى والأكثرية المطلقة في «دورات الانتخاب التي تلي..». ففي الشكل يمكن القول إن الدستور قد لحظ ضرورة ان إنجاز عملية الانتخاب في الجلسة التي ينعقد فيها الاستحقاق الانتخابي. فالمادة 44 ـ دستور تنص على الانتخاب بالأكثرية المطلقة وإذا لم تحصل تلك الأكثرية ففي الدورة الثالثة يكون الفوز بالأكثرية النسبية أما الثقة بالحكومة فتكون وفق النص بالأكثرية النسبية أيضاً.

ولم يحصل ان أقدم المشترع على الإفساح في المجال لعدم إنجاز الانتخاب، بدليل انه قد أنقص العدد المطلوب للفوز، أما في المادة 49 فإن النقصان اقتصر حتى الأكثرية المطلقة ولكنه اعتمد النص على «الدورات التي تلي» قاصداً بذلك الاستمرار في إجراء الدورات حتى اعلان الفوز. ولو أراد المجلس ان يشرّع الفصل بين جلسة الثلثين وجلسة الأكثرية المطلقة لما قبل «بالدورات المتتالية» بل قال في الدورة الثانية أو الثالثة، كما في المادة 44 بالأكثرية النسبية.

يتبين من ذلك كله ان ما أعلنه عضو المجلس الدستوري الأسبق سليم جريصاتي باسم «تكتل الإصلاح والتغيير» عن إجراء الانتخاب في جلسة اليوم بالأكثرية المطلقة من الدورة الأولى ليس دقيقاً.