فوجئت معظم الاوساط السياسية على الحلبة المحلية بالحديث الذي أدلى به البطريرك مار بشارة بطرس الراعي لاحدى الفضائيات مشيراً فيه الى ان دخول «حزب الله» الى الرقعة السورية لقتال التكفيريين كان سبباً في «الانقسام» الحاصل على الساحة المحلية وسط الكثير من التساؤلات عن الخلفية التي ادت بالراعي الى اتخاذ هذا الموقف وفي توقيت قاتل اذا جاز التعبير حيث تقوم الدول الكبرى بترسيم رقعة المنطقة جغرافياً وديمغرافياً وما سيخلفه الامر من تداعيات على الساحة المحلية المتلقية بامتياز لاعاصير المنطقة من ادناها الى أقصاها، واذا كان كلام الراعي اشبه ما يكون بالدلالة بالاصبع الى واقع الحال او التوصيف دون ان يأخذ موقفاً من سلاح «الحزب»، فان كلامه اثار الكثير من الغبار على رقعة الشطرنج الداخلية سلباً وايجاباً ما يعني انه ساهم في توسيع الانقسام بين المقسمين سياسياً في مرحلة يعتبر فيه ذهب السكوت افضل بكثير من فضة الكلام.
وتضيف الاوساط ان ما ادهش اللاعبين على الرقعة الداخلية ان الراعي باغت الجميع من حيث لا يدرون في شبه انقلاب على مواقفه المعروفة، ففي زيارته الشهيرة الى باريس اعلن موقفه من على درج الاليزيه حول الاوضاع السورية مفضلاً «السيء على الاسوأ» واثار بذلك حفيظة الرئيس الفرنسي آنذاك نيكولا ساركوزي المعروف بموقفه الداعم لما سمّي بـ«الربيع العربي»، ما دفع الادارة الأميركية في عهد باراك أوباما من تجاهل جولته على الرعايا الموارنة في الولايات المتحدة الاميركية عدم تحديد موعد له للقاء اي مسؤول ولو من الدرجة الثانية رداً على موقفه الباريسي وربما الامر يعتبر سابقة ديبلوماسية على صعيد الادارة الأميركية كون الراعي بحكم موقعه هو الممثل للمسيحيين في الشرق وليس الموارنة فقط، في وقت كان يقتلع فيه المسيحيون من العراق ومن المناطق التي سيطر عليها التكفيريون في سوريا.
وتشير الاوساط الى ان الراعي تخلى عن كافة الشكليات البروتوكولية التي درج عليها الصرح في بكركي حيث وفق التقليد المتبع «البطريرك يزار ولا يزور» يوم قام بزيارة دمشق غير عابئ بالوضع الامني في بدايات الاقتتال السوري – السوري يوم كانت القذائف تطاول الاحياء الدمشقية ومنها القعاع وباب توما الحيين المسيحيين والتقى مطولاً الرئيس السوري بشار الاسد على هامش زيارته الرعوية.
وتقول الاوساط ان الموقف الجديد للراعي من سلاح «حزب الله» وقتاله في سوريا عصيّ على التفسير لجهة الدافع او الخلفية خصوصاً وانه سابقاً اعرب في حلقة ضيقة جداً وفق التسريبات انه لولا قتال «حزب الله» للتكفيريين في سوريا لكان تنظيم «داعش» عسكر في جونيه القلب المسيحي الكسرواني، فلماذا انقلب الراعي على موقفه الذي ينظر اليه المراقبون وكأنه رد على موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي لم يخفِ دعمه لسلاح «حزب الله» المقاوم، علماً ان التقاليد على الساحة المسيحية تحتّم على تكامل الموقف بين رأس الدولة ورأس الكنيسة، اضافة الى ان موقف الراعي جاء بعد حضوره مؤتمر الاديان في الازهر على رمية حجر من انعقاد مؤتمر القمة العربية في عمان الذي سيحضره الرئيس عون ورئيس الحكومة سعد الحريري، في ظل نقمة خليجية على الموقف اللبناني والذي يتمثل بتحفظ دول الخليج وفي طليعتهم السعودية ببند التضامن مع لبنان، فهل كان موقف الراعي من عندياته ام انه عبر عن وجهة نظر الفاتيكان… ربما الايام المقبلة كفيلة بالاجابة على هذا السؤال؟