اهتزّ العالم بالأمس لوقع خبر ذبح اثنين من تنظيم داعش لكاهن كنيسة مدينة Rouen، «الذّبح» بات مشهداً من يومياتنا، نشاهد الرؤوس تهتزّ بأيدي الصبية، يُذبح الرّجال على مرأى من عدسة الكاميرات والناس، يبتهج بعضهم بالذّبح ويكبّرون، لكنّ ما لم تبلغه أسوأ كوابيسنا هو أن نصل إلى يوم نسمع فيه ما سمعناه بالأمس، أن يذبح كاهن على مذبح الكنيسة وهو يرفع الصلاة، وأن يكون هذا الكاهن في السادسة والثمانين من عمره…
لم يتح لكثيرين أن يقرأوا ما تسرّب بالأمس من أخبار، فالصراع على اتهام المسلمين بالوحشية والهمجيّة وحال الخداع التي مارستها وما تزال الولايات المتحدة الأميركية، وحال الضياع التي تعيشها أوروبا بعدما أوقعت نفسها في فخّ «إنسانيّة» استقبال لاجئين بينهم الكثير من تنظيم داعش، وأوقعتها فيها أيضاً قوانينها الهشّة التي تعامل الإرهابييّن بالرأفة!!
الجريمة الكبرى التي وقعت بالأمس في كنيسة مدينة Rouen، أكّدت أنّ الإرهاب لا يحتاج إلى سلاحٍ وذخائر، ولا تفجيرات بسيارات مفخخة، ولا شاحنة معبّأة بغاز النابالم كما في «الكرّادة» ولا إلى شاحنة يقودها إرهابي يسحق تحت عجلاتها الأبرياء كما في «نيس»، السكين فقط أداة لإرهاب لم نكن لنتصوّره في أسوأ كوابيسنا!!
وما هو أسوأ من الجريمة الإرهابيّة التي هزّت العالم بالأمس أن أحد الإرهابييّن «كان قد اعتُقل لعلاقته بالإرهاب، لكنّه استفاد من إطلاق سراح مشروط، ومعروف لدى أجهزة مكافحة الإرهاب وحاول مرتين في عام 2015 التوجّه إلى سوريا، ومنذ أن أُفرج عنه كان مجبراً على وضع سوار إلكتروني يسمح للشرطة بتحديد مكانه بشكل دائم»، هذا السوار الالكتروني لم يمنع الجريمة الإرهابيّة، وإطلاق السراح المشروط لم يمنع هذا المتهم بالعلاقة بالإرهاب من أن يتفوّق على كلّ انتحاريي العالم، ومنع هذا الإرهابي من الذهاب إلى سوريا لم يمنعه من المجيء بالإرهاب الذي يضرب سوريا إلى مسقط رأس رئيسا فرنسا قلب الإتحاد الأوروبي!!
حتى اللحظة يكتفي الرئيس باراك أوباما بتقديم التعازي لرؤساء الدول الأوروبيّة المستهدفة، وحتى اللحظة تكتفي هذه الدّول بالتعاطي مع «داعش» بغارات جويّة «تافهة» وبعمليات تستهدف افراداً من قيادات تنظيم «داعش»، من أنّ عمليّة قتل رأس «تنظيم القاعدة» أسامة بن لادن لم تضع حدّاً للإرهاب في العالم!!
رأس الإرهاب وصانع «داعش» قابع هناك في قلب «دمشق»، وفي قلب «طهران»، لا نستطيع أن نطلب من الإرهابي أن لا يقتل الشيوخ والرجال والنساء والأطفال، ولكنّنا نستطيع أن نطلب من هذه الدّول الكبرى أن تقلع عن كونها دولاً غبيّة، وأن تكون أجهزة القضاء والأمن فيها غبيّة، وأن تكتفي بدفن أمنها في وحول مصلحة الولايات المتحدة الأميركيّة ونهاية عهد رئيسها باراك أوباما!!
الشعب السوري يستطيع أن يتحمّل بعد عامين من الإرهاب في انتظار انتخاب رئيس جديد لأميركا يقرّر أو لا يقرّر وضع حدٍّ للإرهاب الإيراني ومعه إرهاب بشار الأسد، والسؤال هنا: هل يستطيع رؤساء أوروبا احتمال الإرهاب الذي يحميه ويُغذّيه ويرعاه هذين الإرهابيْن، وهل علينا انتظار وثائق «ويكيليكس» جديدة تفضح رعاية إيران وذراعها العسكري حزب الله لإرهاب القاعدة وعملية 11 أيلول وبالرّغم من معرفة أوباما وأوروبا فاوضتها بالنيابة عنه لمدّة سنوات من «النووي» الإيراني، كم مسلم ومسيحيّ، سوريّ وأوروبيّ وأميركيّ يجب أن يموت بعد ليبقى بشار الأسد وحكم إيران الإرهابي من أجل أمن «إسرائيل»؟!