في خضمّ الحديث عن وديعة إماراتية قد تعطي البلاد نفحة أمل وسط الأزمات التي تمرّ بها، خفّض البنك الدولي، في أحدث تقرير له، توقعاته للنمو في لبنان، معلناً دخول البلد في مرحلة انكماش ستستمر لغاية العام 2021.
بينما يستعد وفد حكومي لبناني لزيارة مقر البنك الدولي في واشنطن من اجل إعداد نظام تقاعدي جديد يمكن ان يعتمده لبنان، عدّل تقرير البنك الدولي، حول أحدث المستجدات الاقتصادية لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، الصادر أمس، توقعاته السابقة الصادرة في نيسان الماضي حول نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في لبنان من 0.9 في المئة الى -1.1 في المئة في العام 2019، ومن 1.3 في المئة الى -1 في المئة في 2020 ومن 1,5 في المئة الى -1.1 في العام 2021.
واعتبر البنك الدولي في جزء من التقرير حول آفاق النمو في البلدان المستوردة للنفط، انّ العجز الضخم مستمرٌ في لبنان في حساب المعاملات الجارية، وتراكم الدين يضعّفان الاقتصاد. متوقعاً انكماش الاقتصاد بنسبة 0.2 في المئة في العام 2019.
وأشار الى انّ وتيرة التدهور في المركز الخارجي اللبناني تتسارَع، ففي الاشهر الخمسة الاولى من 2019 انخفض مركز صافي الاصول الاجنبية (الفرق بين الاصول الاجنبية المملوكة للمواطنين اللبنانيين والاصول اللبنانية المملوكة للاجانب) بمقدار 5,1 مليارات دولار (حوالى 9 في المئة من اجمالي الناتج المحلي)، مقابل تسجيل خسائر بقيمة 4,8 مليارات دولار خلال العام 2018 بأكمله و156 مليون دولار عام 2017. ويعكس مركز صافي الاصول الاجنبية حجم المديونية التي تظهر ايضا في شكل انخفاض في اجمالي احتياطات النقد الاجنبي.
وذكر التقرير انه في محاولة للتصدّي للوضع، بدأ مصرف لبنان عمليات مالية لتشجيع تدفق العملات الصعبة، شملت سعي البنوك التجارية الى اجتذاب دولارات المستثمرين في ودائع متوسطة الاجل (3 سنوات) او طويلة الاجل (10 سنوات) بأسعار فائدة مرتفعة، يتم إيداعها بعد ذلك في مصرف لبنان، او استخدامها للاستثمار في شهادات ايداع مصرف لبنان.
وتوقع تقرير البنك الدولي ان يبلغ نمو متوسط نصيب الفرد من اجمالي الناتج المحلي الحقيقي في لبنان -0.7 في المئة في 2019 مقارنة مع -0.3 في المئة في 2018، ليصل الى -0.2 في المئة في 2020 و -0.1 في المئة في العام 2021.
كما قدّر أن يبلغ رصيد المعاملات الجارية من اجمالي الناتج المحلي -20.8 ليصل الى -21.4 في المئة في 2020 و-21.3 في المئة في 2021. اما بالنسبة لرصيد المالية العامة من إجمالي الناتج المحلي، فتوقّع البنك الدولي أن يبلغ -9 في المئة في 2019 مقارنة مع -10.7 في المئة في 2018 ليصل الى -9.8 في المئة في 2020 و2021.
بدارو
في هذا الاطار، قال الخبير الاقتصادي روي بدارو انّ تقديراتنا للنمو منذ بداية العام كانت سلبية، مشيراً الى انّ نسبة الانكماش حالياً عند – 1,75 في المئة وستصل في نهاية العام الحالي الى -2,5 في المئة.
وأوضح لـ«الجمهورية» انه عندما يمرّ الاقتصاد بمرحلة ركود وانكماش اقتصادي، تصبح أدوات العلاج مختلفة، مما يتطلب سياسات لا تعتمد على فرملة الاقتصاد بكشل كلّي، كما هي الحال اليوم، بل بشكل جزئي. وبالتالي، يجب التركيز أكثر وأكثر على خفض النفقات التي يمكن ان تتراجع بمعدل 350 مليون دولار اضافية.
واعتبر بدارو انه بالاضافة الى ذلك، يحتاج البلد الى صدمة ايجابية «لا تستطيع الحكومة الحالية ان تُحدثها. وبالتالي، نحتاج الى تغيير جوهري في السياسة مبنيّ على رؤية اقتصادية وليس إجراءات فقط».
ورأى انّ الوديعة الاماراتية التي يمكن ان يحصل عليها لبنان، وقيمتها 1,4 مليار دولار، لا تكفي لإحداث «الصدمة الايجابية» المطلوبة، لافتاً الى انّ مفاعيل الوديعة لن تكون بالأهمية التي قد يتصورها البعض، «لأننا نخسر شهريّاً حوالى المليار دولار، وبالتالي أي أمل او تعويض ستؤمّنه هذه الوديعة؟»