Site icon IMLebanon

قرض تمويل البنك الدولي لشبكة “الأمان”… العبرة في الإدارة!

 

بتوقيع وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني عقد قرض تمويل شبكة الأمان الاجتماعي الذي قدمه البنك الدولي بقيمة 246 مليون دولار، والذي يفترض أن تحيله الحكومة لاحقاً كمشروع مرسوم إلى مجلس النواب، بارقة أمل بعودة الالتفاتة الدولية باتجاه لبنان لإعانته في ازمته المالية. غير ان الخطوة دونها تفاصيل لا تزال مجهولة من بينها وأهمها سبب صرف المبلغ المخصص الى الليرة اللبنانية بدل منحه بالدولار، والجهة المولجة في لبنان بالاشراف على الآلية التنفيذية للقرض؟

 

يستهدف المشروع 200 ألف أسرة تعاني الفقر المدقع. تدرج ضمن برنامج وزارة الشؤون للفقر حالياً 45 ألف أسرة تستفيد من برنامج بطاقة حياة، من بينها 15 ألف اسرة تحصل على البطاقة الغذائية، يعني ذلك ان هناك 160 ألف اسرة ستزاد الى الأسر المحددة ليصبح العدد 200 ألف اسرة. وقد تم تحديد هذا العدد بناء على دراسات خلصت الى وجود نسبة 20 الى 23 بالمئة من الاسر التي تعاني الفقر المدقع في لبنان.

 

وكان الاتحاد الاوروبي أول من التفت الى تداعيات الوضع الاجتماعي في لبنان والذي صار اقرب الى الانهيار، فقرر منح مشروع الاسر الأكثر فقراً مبلغ 50 مليون دولار توزع على أسر سورية ولبنانية بحيث يطال بحدود 50 الف أسرة لبنانية على امتداد فترة عامين ونصف. ولاحقاً دخل البنك الدولي على خط المساعدة ولكن من خلال قرض كان عبارة، بداية، عن 600 مليون دولار على ان يكون جزء منه بمثابة هبة ويمتد لفترة عامين ونصف العام، ثم تراجع المبلغ الى 246 مليون دولار لفترة سنة على سبيل قرض بكامله وإلغاء الهبة. وبما أن الدولة هي الجهة المالكة للقرض المقدم، اتفق وزير المالية غازي وزني مع حاكم مصرف لبنان على احتفاظ المصرف المركزي بالمبلغ بالدولار وتحويله الى العملة الوطنية، على اساس سعر صرف للدولار يبلغ 6250 ليرة وهي خطوة مستغربة ولا تجد لها تبريرها، فكيف لدولة تصدر تعميمات باعتماد سعر صرف على اساس السوق ان تعمد الى صرف القرض على اساس سعر صرف ادنى من سعر السوق، ما يفقد المبلغ نسبة كبيرة من قيمته. وبناء على سعر الصرف هذا تكون حصة كل اسرة 200 ألف ليرة كمبلغ ثابت و100 ألف ليرة عن كل فرد، وبدلات تسجيل مدرسي ونقل وانتقال وكتب وقرطاسية ولبس، لتصبح القيمة التقديرية قرابة مليون ونصف المليون للطفل سنوياً. يضاف اليها طبعاً فرق فاتورة الاستشفاء(19 بالمئة) لأفراد الاسرة سواء كان على حساب وزارة الصحة او الضمان الاجتماعي أو غيرها، مع العلم ان الفرق هذا يدفع من قيمة القرض الذي سبق واعطي لوزارة الصحة بقيمة 120 مليون دولار اميركي.

 

ومن الخدمات التي يشملها المشروع خدمة اجتماعية تتعلق بالطفولة المبكرة من صفر الى 3 سنوات، أي تكاليف الحضانات التابعة لوزارة الشؤون وبعض الجمعيات المتعاقدة معها، ودعم الاشخاص من ذوي الاعاقة ومساعدات تقنية ومهنية للشباب وتمكين المرأة اقتصادياً وحمايتها والاطفال من مخاطر العنف والتحرش، ورعاية كبار السن. أهم ما في المشروع ان يصار الى صرف المبالغ للاسر بناء على بيانات نظيفة وعلمية تستحوذ ثقة الجهات المانحة. ويعني توافر البيانات منح المزيد من الهبات خصوصاً وان هناك العديد من الجهات المانحة بدأت مؤخراً تعبر عن رغبتها بدعم الاسر التي تعاني الفقر المدقع، شرط ان تكون تلك الاسر موصفة بدقة وبناء على بيانات واضحة. وتقول المعلومات ان الاتحاد الاوروبي اعلن دعمه بمبلغ 50 مليون دولار وهو على استعداد لتقديم مبلغ اضافي. وهو يخشى من ان تؤدي الازمة الاقتصادية في لبنان الى ازدياد معدلات الهجرة باتجاه دوله، وهو يتخوف من تداعيات تزايد اعداد الفقراء في لبنان.

 

وتكمن ايجابية القرض في كونه قد يعد اشارة ايجابية لعودة المجتمع الدولي الى سكة منح لبنان المتخلف عن سداد ديونه القروض مجدداً، لكن ما ليس واضحاً بعد ادارة هذا الملف ومن هي اللجنة الوزارية والادارية المولجة وضع الآلية التنفيذية والاجراءات المتعلقة بصرفه؟ فاتفاقية القرض التي تنص على تفصيل منح المساعدات لا تلحظ تشكيل لجنة تدير الملف، بينما يتولى ادارة الموضوع الوزراء المعنيون وبعض المستشارين من دون وجود لجنة منصوص عنها خطياً. والمنتظر ان يدقق مجلس النواب بتفاصيل هذا القرض وآلية تنفيذه والجهات المولجة بذلك، لان برنامج الغذاء العالمي الذي سينفذ الجزء الاكبر منه لجهة تأمين البطاقات وتوزيعها مقابل نسبة واحد في المئة من القرض وبدل النفقات التشغيلية الاخرى، فليس معروفاً دور الدولة ومن سيشرف على صرف المبلغ طلباً للشفافية، خصوصاً في ظل مخاوف من ان يلقى مصيراً شبيهاً بمصير مبالغ سبق وان صرفت على سبيل قروض او هبات ولم يعرف مصيرها.