Site icon IMLebanon

مسؤول في البنك الدولي لـ«الجمهورية»: أزمة سوق العمل في لبنان قائمة قبل النزوح

 

قلّل فريق عمل البنك الدولي الذي زار لبنان أخيراً، وتحديداً الشمال حيث يشكّل النازحون السوريون 32 في المئة من عدد سكان المنطقة، من أهمية تأثير النزوح السوري على سوق العمل في لبنان، ولم يعتبر الوفد أنّ هناك منافسة تُذكر بين العمالة السورية واللبنانية.

اشار فريق العمل الذي اطّلع على وضع سوق العمل في لبنان، خصوصاً في الشمال حيث أعدّ تقريراً شاملاًَ حول الوظائف، الى أنّ عدم وجود احصاءات رسمية او تقييم تحليلي شامل لأثر النزوح السوري على سوق العمل اللبنانية يعيق عمل البنك الدولي في هذا الاطار، لافتا الى دراسات مختلفة قامت بها منظمات غير حكومية او منظمات تابعة للامم المتحدة، أظهرت أنّ الاثر يختلف على صعيد المناطق والمهارات المطلوبة. ورأى فريق البنك الدولي أنّ الروايات التي يسمعها تختلف عما هو موجود فعلياً عى أرض الواقع.

لكنّ الفريق لاحظ خلال تواجده في منطقة عكار تحديداً، أنّ هناك حساسيّة بين اللبنانيين والسوريين، ورأى أنّ هناك بعض الوظائف منسوبة الى السوريين قبل أزمة النزوح. ولم ينكر في الوقت نفسه انه في بعض مناطق لبنان، اندمج النازحون في سوق العمل وباتوا يشكلون منافسة للعمالة اللبنانية.

روتكوفسكي

في هذا الاطار، كوّن المدير الأول للحماية الاجتماعية والعمل والوظائف في البنك الدولي ميخال روتكوفسكي انطباعاً بأنّ المنافسة ضئيلة بين العمال اللبنانيين والعمال السوريين حالياً.

وقال لـ«الجمهورية» إنّ العمال السوريين كانوا موجودين في سوق العمل اللبنانية قبل اندلاع الأزمة السورية ويشغلون وظائف لا يشغلها اللبنانيون، في قطاع البناء على سبيل المثال. واعتبر أنّ سوق العمل في لبنان مجزّأة، حيث يشغل النازحون السوريون الوظائف التي يرفضها اللبنانيون.

وفيما لفت الى أنّ المشكلات في سوق العمل اللبنانية موجودة قبل أزمة النزوح السوري، رأى أنها قد تكون تفاقمت حالياً، «إلّا أنّ المنافسة تبقى محدودة والضرر ليس كبيراً».

أضاف: لا أعتقد بتاتاً أنّ أزمة النزوح هي وراء المشكلات في سوق العمل اللبنانية، ولكن في المقابل، قد يولّد عدد النازحين السوريين الكبير بعض التوترات الاجتماعية.

وردّا على سؤال حول اذا كان برنامج البنك الدولي لخلق فرص العمل سيشمل توظيف السوريين أيضاً، أكّد روتكوفسكي «أنّ هدفنا الاساسي هو الشعب اللبناني».

برنامج خلق الوظائف

يعتزم البنك الدولي إطلاق برنامج دعم مالي يركّز على الوظائف في شمال لبنان بالتعاون مع الحكومة اللبنانية، وذلك بعدما أصدر تقريره عن الوظائف في الشمال الاسبوع الماضي.

وقد التقى وفد من البنك الدولي يضمّ رئيس بعثة برنامج مراجعة سياسات التجارة والتنافسية التابعة للبنك الدولي كلاوس تيلمس، والمدير الأول للحماية الاجتماعية والعمل والوظائف في البنك الدولي ميخال روتكوفسكي، وزراء الاقتصاد، المالية، العمل، والشؤون الاجتماعية للبحث في هذا الاطار.

وأوضح روتكوفسكي لـ«الجمهورية» أنّ برنامج البنك الدولي يهدف الى خلق فرص العمل، وسيُصمّم بطريقة لتكون النتائج ملموسة على الارض. وسيكون هناك نظام رقابة على النتائج المحققة والتي سيرتبط تمويل البرنامج مباشرة بها.

واشار الى أنّ البرنامج قيد التحضير حالياً، وسيبدأ تنفيذه في العام المقبل، ومدّة تنفيذه 5 سنوات بتمويل من البنك الدولي والحكومة اللبنانية بالاضافة الى مموّلين دوليين آخرين.

وكشف روتكوفسكي أنّ البنك الدولي يعتزم لاحقاً اطلاق برنامج مماثل لخلق فرص العمل على صعيد لبنان كلّه، وليس لمنطقة الشمال فقط.

وأكد أنّ هدف زيارته لبنان هو مراجعة برامج الحماية الاجتماعية الحالية التي ينفّذها البنك الدولي منذ اعوام، بالاضافة الى الاطّلاع بشكل مباشر على الفرص والتحدّيات التي تواجهها سوق العمل في لبنان، والذي تبيّن له انها بحاجة ماسّة الى تطبيق نهج متكامل في ما يتعلّق بربط العرض والطلب.

وشدّد روتكوفسكي على أنّ خلق فرص العمل في الشمال تحديداً، يحتاج لوضع أسس مدروسة لخلق مناخ مناسب للاستثمار، والتشجيع على تأسيس الاعمال الحرة، ما سيتطلّب قوى عاملة ماهرة تلبّي طلب السوق.

وقال إنّ اختيار شمال لبنان يأتي نتيجة تأثّر تلك المنطقة بالعدد الهائل للنازحين السوريين والذي تصل نسبتهم الى 32 في المئة من عدد سكان طرابس والشمال، بالاضافة الى التحدّيات الهيكلية والاجتماعية والاقتصادية الكبيرة ونسبة الفقر (36%) التي فاقت معدّل الفقر على الصعيد الوطني (27%).

تيلمس

من جهته، أعلن كلاوس تيلمس رئيس بعثة برنامج مراجعة سياسات التجارة والتنافسية التابعة للبنك الدولي، أنّ البنك الدولي يحاول حالياً الانتقال من المساعدة الإنسانية في لبنان إلى العمل الاقتصادي المنتج. وشدّد على اهمية استخدام المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس كعامل جذب للمستثمرين من القطاع الخاص، مؤكداً أنّ البنك الدولي يعتبر أنّ طرابلس منطقة واعدة وسيركّز على دعم تطوير المنطقة الاقتصادية الخاصة بها من اجل تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار فيها، لافتاً الى أنّ شروط الاستثمار وظروف العمل من ناحية البنى التحتية، القوانين، الجمارك، حماية المستثمرين، موجودة هناك.

وتحدّث عن 3 سياسات إصلاحية تأسيسية مطلوبة في هذا الاطار:

• تبنّي قانون الشراكة بين القطاع العام والخاص.

• تشريعات مرتبطة بسياسات التجارة والتنافسية ينتظرها أصحاب رؤوس الاموال للاستثمار في لبنان.

• تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

أما على صعيد مناخ الاستثمار في لبنان، فأسف تيلمس لعدم تحقيق لبنان أيّ تقدّم على صعيد تحسين مؤشر التنافسية وخلق فرص العمل ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لافتاً الى أنّ لبنان سجّل أداءً سيئاً في ثمانية من أصل عشرة أبعاد مختلفة لدورة ممارسة الأعمال التجارية التي جرى قياسها وفقاً لمؤشرات ممارسة الاعمال التجارية (Doing Business Indicators).

وحتى في المجالين اللذين حقق فيهما لبنان بعض التقدّم – بدء نشاط تجاري والحصول على ائتمان – فإنه لا يزال بعيدًا من حدود الاداء الافضل. بالاضافة الى ذلك، لم يحرز لبنان تقدمًا في أي مؤشر آخر لممارسة الاعمال التجارية منذ العام 2006.

ولفت الى أنّ أحد المعوّقات امام المؤسسات هو الكلفة المرتفعة لتسجيل الاعمال التجارية والتي تبلغ 4 آلاف دولار بالاضافة الى الفترة الزمنية التي يستغرقها التسجيل، ما يؤدّي الى اقامة اعمال غير شرعية ويعرقل التنافسية.