IMLebanon

المونديال و… العرب!  

 

غائبون هم العرب عن الأمجاد الرياضية. وهم غائبون بالذات عن عرس المونديال الحالي الذي تُـجرى فعالياته في روسيا. ذلك أن حضورهم الجسدي عبر أربعة منتخبات ليس حضوراً فعلياً أو معنوياً. والعكس صحيح.

 

فهل هي مجرّد مصادفة أن الدول العربية الأربع التي وصلت الى نهائيات روسيا خرجت، كلها، من الدور الأوّل من دون أن تسجل أي منها هدفاً ولو من باب رفع العتب كي لا نقول حفظ ماء الوجه؟

لا… ليست مصادفة.

وبالتالي ليس ثمة عذر على الإطلاق.

فمنذ عقود طويلة لم تفعل الدول العربية شيئاً لتفعيل الرياضة بشكل جدّي. وبالذات رياضة «الكورة المستديرة»، حبيبة الجماهير في مختلف أنحاء العالم، أي لعبة كرة القدم.

فما الذي ينقص هذه الأمة (مجتمعة أو كل دولة منفردة) لكي تصل الى نهائيات المونديال وتثبت وجودها، وتنافس جدّياً على المراكز المتقدّمة؟!.

والجواب بسيط، معروف، ومكرّر: لا ينقص شيء.

فعلى صعيد تعداد السكّان، ما شاء اللّه، فالـ«رعايا» بالملايين الكثيرة. في وقت أثبتت الوقائع والنتائج العملية في المونديال الحالي، وفي ما سبقه من «مونديالات» أن العدد ليس هو الأساس، فمن لا يقف باحترام أمام بلد مثل «ايسلندا» التي حقق منتخبها حضوراً مميزاً أثار إعجاب العالم قاطبة، وتغلّب على من هم في مقدّمة منتخبات العالم… ومعلوم أن عدد سكان «ايسلندا» يزيد قليلاً عن 300 ألف نسمة أي ما يوازي عدد سكان طرابلس في لبنان، ومع ذلك تغلّبت على بلد عنده أكثر من مليوني لاعب كرة!

وعلى الصعيد المالي يمكن أن نتحدّث «ولا حَرَج» طويلاً… وطويلاً جداً. فبلدان الأمة العربية تمتلك ثروات «لا تحرقها النار» كما يقول المثل السائر، ومع ذلك فالبلدان العربية عاجزة عن أن «تنتج» منتخباً يثبت وجوده سواء في المونديال أم في المواجهات الدولية الجدية.

وهل يفوتنا أن نذكر أن الإستثمارات العربية في ميدان كرة القدم تتجاوز المئة مليار دولار في العقدين الأخيرين؟!

فلو خُصص جزء جزيء من هذه الأموال الطائلة التي يستثمرها أصحابها في النوادي العالمية الكبرى (التي  أكبرها قاطبة تعود ملكيتها الى عرب) لكان ممكناً إنشاء منتخب وربما منتخبان وأكثر ذات قدرة على المواجهة الدولية.

نقول هذا ونحن ندرك جدياً أنّ أموالاً طائلة تنفق على المنتخبات في الدول القادرة مالياً… ولكن كيف يتم الإنفاق؟ ومن يتولاه؟ وعلى من تنفق الأموال؟ وما مدى الشفافية في ما يُنفق؟!.

… أم ترانا نكتفي بأننا قادرون على شراء كل شيء؟! ولكنها قدرة عاجزة عن شراء «حضور» فاعل في المونديال!

رحم اللّه عاهل الأردن الراحل الملك حسين بن طلال الذي قال لنا ذات حديث صحافي: نحن، العرب، علاقتنا بتكنولوجيا العصر قاصرة، لأن بيننا وبينها هوة عميقة. فنحن نشتري التكنولوجيا ونستخدمها من دون أن يكون لنا إسهام فيها!

… ونحن نشتري الملاعب واللاعبين والأندية الكروية الكبرى، ولكننا لا نسهم في إنتاج لاعبين مميزين ومتفوقين!.