5.3 مليارات دولار هو المبلغ الذي يطلبه برنامج الغذاء العالمي والمفوّضية العليا للاجئين لدعم الأسر الأكثر فقراً على الأراضي اللبنانية، لمدّة 3 سنوات. تحتاج المنظمتان إلى 1.8 مليار دولار سنوياً، تُنفق أساساً على النازحين السوريين
في تقرير أصدره برنامج الغذاء العالمي، نهاية الشهر الماضي، لاحظ «انخفاض وقت الانتظار للنازح السّوري أمام الصرّافات الآلية من 41 دقيقة في نيسان، إلى 12 دقيقة في أيار»، فيما لم يأت على ذكر طوابير الإذلال التي يتعرض لها اللبنانيون أمام المصارف وداخلها. في هذه الملاحظة مؤشر إلى الأولوية التي توليها المنظمات الدولية للنازح السوري على المواطن اللبناني، وكأنّ المقصود تثبيت حضوره في لبنان على كلّ الصّعد، اقتصادياً واجتماعياً وتعليمياً. فلأجل النازح، مثلاً، تضغط المنظمات الدوليّة على المصارف لتخفيف أوقات الانتظار أمام الصّرافات الآلية، وتطلب تغذية الأخيرة بكتل مالية أكبر. كما أن فيها مؤشراً آخر إلى انعدام التوازن بين اللبنانيين والسوريين في الـ 387 مليون دولار التي أُنفقت حتى الآن، من أصل 5.3 مليارات دولار يطلبها برنامج الغذاء العالمي والمفوّضية العليا للاجئين، لدعم الأسر الأكثر فقراً على الأراضي اللبنانية، إذ تميل الكفة دائماً إلى مصلحة النازحين الذين أعادت منظمة الأغذية والمفوضية العليا للاجئين التأكيد على «اعتماد العملتين، الدولار والليرة في توزيع الأموال لهم بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية» لـ«إعادة الاعتبار لقيمة المساعدة التي تراجعت بفعل التضخم وتراجع قيمة العملة الوطنية».
ويوضح تقرير برنامج الغذاء العالمي أن نسبة تضخم أسعار الغذاء في لبنان وصلت إلى 350%، و«هي الأعلى عالمياً». بالتالي، تصل كلفة إطعام عائلة من 5 أشخاص إلى 27 مليون ليرة، أو 278 دولاراً، إذ إنّ «كلفة السّلة الغذائية للشخص الواحد شهرياً تساوي 29 دولاراً». مع الإشارة إلى أنّ الزيادات على كلفة المعيشة لا تقف فقط عند تكلفة الطعام، فكلفة السّكن في ارتفاع أيضاً، و«قد عادت إلى أسعار ما قبل الأزمة»، وفقاً لأحد الأشخاص الباحثين عن بيت، إذ «لا تقل كلفة إيجار المنزل في المنطقة الشعبية عن 200 دولار شهرياً، وهو الرّقم الذي كان يدفعه عام 2018».
في لبنان، يساعد برنامج الغذاء العالمي مليون نازح سوري، أي أكثر من 66% من إجمالي النازحين، و800 ألف مواطن، أي أقل من 15% من اللبنانيين الذين يحتاج أكثر من نصفهم إلى المساعدة العاجلة وفقاً لتقارير أمميّة تشير إلى حاجة 3.1 ملايين لبناني مقيم، من أصل 5.7 ملايين، إلى مساعدة غذائية.
في أيار الماضي فقط، استطاع البرنامج «تحقيق هدفه بالوصول إلى أكثر من مليون نازح، ومساعدتهم بواحدة من ثلاث طرق. الأولى استهدفت أكثر من 290 ألف نازح بمساعدات مادية مباشرة، من دون تحديد وجهة صرفها، وُزعت عبر الصّرافات الآلية. والثانية أوصلت مبالغ مالية لشراء الطعام فقط إلى381 ألف نازح سوري، و7800 لاجئ من جنسيات مختلفة، والثالثة توزيع بطاقات لشراء الطعام على حوالي 349 ألف نازح سوري».
وفي المقابل، لم يوضح التقرير طريقة مساعدة الـ800 ألف لبناني عبر المنظمات الأمميّة، بل وضع البرنامج نفسه شريكاً للدولة، عبر مساعدة 66700 عائلة لبنانية (372 ألف لبناني)، بواسطة برنامج مساعدة الأسر الأكثر فقراً التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية. وفي السّياق ذاته، أشار البرنامج في تقريره إلى «إطلاقه مناقصةً بغية شراء وتشغيل مركز اتصالات خاص بوزارة الشؤون الاجتماعية».
كما أشار برنامج الغذاء العالمي في تقريره، تحت عنوان «الاستجابة للأزمة اللبنانية» إلى توزيع «وجبات غذائية على 132 مدرسة رسمية، تستهدف 65 ألف تلميذ». وبعد مراجعة «الأخبار» عدداً من مديري المدارس الرّسمية، تبيّن أنّ هذه المساعدات مرتبطة بـ«المدارس ذات الكثافة الأعلى للتلامذة السّوريين، وهو ما تمّ تطبيقه خلال العام الدّراسي المنصرم، وما يجري العمل عليه الآن خلال فترة المدرسة الصّيفية». ووصف المديرون المساعدات للتلامذة اللبنانيين بـ« الدعاية، فالمستهدف هو النازح السّوري فقط»، وذكروا «أنّ المنظمات الدوليّة دفعت بدل نقل للتلامذة السّوريين المسجّلين في الصّفوف من السّابع حتى التّاسع، من دون أن تلحظ أي مخصّص للبنانيين».