IMLebanon

قمّة عالميّة إسلاميّة ـ مسيحيّة في لبنان 2019

 

تستعدّ رابطة العالم الإسلامي لعقد قمّة عالميّة إسلاميّة ـ مسيحيّة سنة 2019 في لبنان الذي وقع الاختيار عليه ليكون مكاناً لهذه القمّة، لِما يشكّله من ملتقى حوار دائم بين الديانات والثقافات. ويوضح الأمين العام للرابطة الدكتور محمد بن عبد الكريم عيسى أنّ «الغاية من المؤتمر هي التقارب الإنساني لتعزيز المحبة وترسيخ قيم السلام والوئام الديني، ومن أجل مواجهة أصوات الكراهية والصدام الحضاري والديني والثقافي وتعزيز مفاهيم الإيمان بالسنّة الإلهية في وجود الاختلاف والتنوّع والتعدديّة».

يَصف العيسى، خلال لقاء مع مجموعة من الصحافيين، انّ زيارته للبنان هي «زيارة أخوّة ومحبة، وللتواصل الواجب ببُعديه الأخوي والانساني مع الجميع في لبنان، سواء أكان هذا البعد روحياً أو ثقافياً او حضارياً او اجتماعياً، وكذلك الجانب السياسي ذو الصلة بهذه الابعاد وإن كان من شأن رابطة العالم الاسلامي ألّا تخوض فيه». ويقول «انّ رسالة رابطة العالم الاسلامي تقوم على إيضاح حقيقة الدين الإسلامي وتهتمّ بمواجهة الأفكار المتطرفة، سواء كان التطرف المحسوب زوراً على الاسلام كتطرف «داعش» و»القاعدة» وغيرهما، وكذلك مواجهة التطرف الذي يمثّل التشدّد الديني المحسوم زوراً على الاسلام، فضلاً عن التطرف المضاد وأعني به مفاهيم ونظريات الاسلاموفوبيا التي تسبّب الكراهية للاسلام وتثير الرعب والخوف من الدين الاسلامي». ويؤكد انّ الرابطة «تأخذ بمنهج «القوة الناعمة»، وتعتبر انّ الفكر يواجه بالفكر وانّ القوة تواجه بالحوار». ويضيف «انّ الاختلاف في الآراء وفي الدين والمذاهب هي اختلافات في التنوع والتعددية التي تمثّل السنة الالهية، إذ لا يمكن ان يكون الجميع على دين واحد او مذهب واحد، ولكن لكل من هؤلاء الحق في ان تكون لديه قناعته الخاصة شرط ان يفهمَ الآخرين ويحترمهم ولا يواجههم بتطرف عنيف فضلاً عن ممارسة الارهاب ضدهم».

هدف الزيارة
ويوضح العيسى: «إنّ الهدف من زيارتنا الى لبنان هو التواصل مع الفاعليات اللبنانية من منطلق واجبنا الاخوي وواجبنا الانساني وأهمية التعاون مع هذه الفاعليات اللبنانية لتحقيق الاهداف المشتركة، حيث يمثّل لبنان النموذج في القوة الناعمة من اجل نشر الخير. ففي لبنان قوة روحية مؤثرة في داخله وخارجه، ولديه كثير من المفكرين الذين من شأن التواصل معهم ان يحقق التعاون المشترك لتحقيق الاهداف التي نَصبو اليها جميعاً».

ويضيف: «لدينا قمة إسلامية مسيحية عالمية في السنة المقبلة، حيث تنوي الرابطة عقدها في بيروت برعاية لبنانية وبمشاركة كل الفاعليات الاسلامية بمختلف المذاهب وكل الفعاليات المسيحية بمختلف مذاهبها». ويوضح انّ «الغاية من هذ المؤتمر هو التقارب الانساني من أجل تعزيز المحبة وترسيخ قيَم السلام والوئام الديني، ومن اجل مواجهة اصوات الكراهية والصدام الحضاري والديني والثقافي وتعزيز مفاهيم الايمان بالسنّة الإلهية في وجود الاختلاف والتنوّع والتعددية والوصول الى التعاون المشترك وفق مبادرات نتطلّع الى أن يطلقها المؤتمر لتحقيق الأهداف المشتركة لخدمة الانسانية، ولتعزيز محبتها ووئامها وتقاربها ولنحقق مفهوم الأسرة الانسانية الواحدة».

وعن تلاقي فكرة عقد هذا المؤتمر مع دعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى اعتماد لبنان مركزاً للحوار بين الديانات والحضارات، يقول العيسى: «إنّ الرابطة ترى أنّ الحوار بمختلف أشكاله هو أمر مهم جداً، ولا يتحاور الّا الأقوياء والحكماء، فالذي يمتلك القوة الناعمة يمتلك رصيداً من الشرعية والثقة والحكمة. فلا يخشى الحوار الّا الضعفاء ولا ينهي السجالات على رغم حدتها الّا الحوار. فالفكر لا يواجه الّا بالفكر، والكراهية تواجه بالمحبة، فلا بد من أن نلغي كل مفاهيم الصدام والنزاع بين الحضارات، فعلى مرّ التاريخ الانساني أثبتت هذه الافكار السلبية في الصدام الانساني بشواهدها التاريخية أنها دمار على الانسانية وتهرق وتهدم ولا تطفىء ولا تبني إطلاقاً».

وعن موقف الرابطة من التطور والانفتاح الذي تشهده المملكة في ظل عهد الملك سلمان وولي عهده، قال العيسى: «رابطة العالم الاسلامي تهتم بالشأن الاسلامي عموماً وتمثّل المملكة العربية السعودية قبلة المسلمين، والمملكة منذ تأسست على يد الملك عبد العزيز وهي تنهج المنهج الوسطي المعتدل، وقد قامت على هذا المنهج بمفاهيمه الاسلامية الصحيحة، ولكن عام 1979 جاء ما يسمّى «الصحوة» أو «الصحويّون» الذين حاولوا خطف الاعتدال الاسلامي ونشروا الافكار المتطرفة، وحاولوا فرض أفكارهم وتشكيل ثقافة تسود في المجتمع مع سجال دائم مع الاعتدال. وإنّ المملكة تيقّظت لخطورة هذا الفكر وانحرافه عن جادة الاعتدال الاسلامي، فأرسَت معايير الاعتدال الاسلامي، وهناك اعتزاز بالهوية والقيم الاسلامية، ولا بد أن يقابل أي انحراف لا يمثّلها، فهذه القيَم بمفاهيمها ومضامينها الوسطية تحمل التفسير الصحيح للاسلام، وهي الامتداد الطبيعي لديننا. هذه الافكار المتطرفة كانت وافدة على المملكة السعودية، لكن كانت هناك يقظة لمواجهتها لأنها كانت تحمل الكراهية ومفاهيم الاقصاء وضد أي تنمية. والمملكة تعتزّ بأنها قامت على قيَم الاسلام المعتدل، وهذه الاصلاحات (الحالية) هي عودة الى ما قامت عليه من الوسطية الاسلامية، ومواجهة التطرف ومفاهيمه التي تحمل معاني الكراهية والتطرف الديني والاقصاء ومحاولة إعاقة التنمية».

إيران ولبنان
ورداً على سؤال عن محاولات إيران لإزاحة لبنان من الحضن العربي، قال العيسى: «انّ السياسة الطائفية المتطرفة التي تمارسها ايران في المنطقة من شأنها أن تزيد من المتاعب وترسّخ حالة عدم الاستقرار. كنّا نقول وما نزال اننا لسنا خصوماً للتشيّع، فالشيعة مواطنونا وجيراننا واخوتنا، لكننا ضد التطرف الطائفي، فالتدخل في شؤون الدول ومحاولة فرض الهيمنة الطائفية وتمرير الاجندة السياسية لن يزيد الحال الراهنة الّا سوءاً، حيث نجد نماذج عدة للدول التي تدخلت في شؤونها هذه الطائفية المتطرفة. وأنا لا أتحدث عن ذلك نظريّاً إنما الشاهد الحي الماثل للجميع يدلّ على ذلك».
وعن إمكان أن تلعب الرابطة دور الوسيط بين السعودية وإيران، يقول العيسى: «إنّ صوت الاعتدال وصوت المنطق وصلا الى ايران من كل محبّ للسلام والاستقرار في المنطقة، غير أنّ الاجندة الطائفية المتطرفة لم تصغ اليه، ولم تستفد أيضاً من عِظة التاريخ ولا من الحالات الماثلة التي يشاهدها الجميع جرّاء هذا التدخل. فمن شأن مواصلة هذا التدخل ومكابرة صوت المنطق والعقل والحكمة أن يرتدّ سلباً على ايران قبل غيرها، ودول المنطقة الحكيمة سَعت وعلى رأسها المملكة السعودية في الدعوة لعدم التدخّل في شؤون الدول، واحترام سيادة الدول وعدم فرض الايديولوجية المتطرفة على الآخرين، وقد حرصت هذه الدول المُحبّة للسلام والوئام على أن يسود الاستقرار والأمن، باذلةً كل ما بوسعها، غير أنّ تدخّل ايران الطائفي لا يزال يكابر ويتحدى عظة التاريخ في نفسه وفي غيره».

زيارة الراعي للسعودية
وعن تقييمه لزيارة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي للسعودية أواخر العام الماضي، قال العيسى: انّ رابطة العالم الاسلامي تقرأ في هذه الزيارة دلالات الايمان بوجود التعاون بين الجميع لتحقيق الاهداف المشتركة التي نؤمن بها جميعاً، وانّ صوت الحكمة يجب أن يكون هو السائد، وانّ الاختلاف الديني لا يعوق إطلاقاً التعاون في خدمة أهدافنا الانسانية المشتركة في أيّ مكان من العالم، وهي تعطي رسالة بأنّ صوت الحكمة والشراكة مُتاح مع الجميع، وأنّ التعددية لا يمكن أن تعوق، وأنّ المملكة تتعاون مع كل منطق وكل فكرة ومبادرة من شأنها أن تغرس نبتة تستفيد منها الانسانية وكل الدول لترسيخ قيَم الوئام الديني والوطني الايجابي حتى يتعايش الجميع بسلام».