لا شك ان عملية «طوفان الأقصى» أيقظت العالم، الذي استسلم لإسرائيل، ومع هذا العالم الدول العربية التي لم تكن تتجرّأ على إقامة علاقات مع العدو الاسرائيلي، إذ رأيناها تنساق الى التطبيع واحدة تلو الأخرى.
بالفعل، كان هناك استسلام عالمي، وكان هذا الاستسلام مصحوباً بنسيان شبه تام للشعب الفلسطيني، متجاهلاً أيضاً ان الارض التي تحتلها إسرائيل هي أراضٍ فلسطينية، كما صدر مؤخراً في محكمة العدل الدولية وعلى رأسها القاضي اللبناني نواف سلام، التي حكمت ان الضفة الغربية وقطاع غزة وكل الاراضي التي تحتلها إسرائيل منذ 1967 هي أراضٍ فلسطينية.
كذلك، فإنّ ما جرى في كل أنحاء العالم يجب أن نتوقف عنده لنرى ماذا فعل أبطال «طوفان الأقصى» الذين أعادوا القضية الفلسطينية الى الوجود، والتي كانت «نائمة» بفضل المؤامرات الدولية، والتآمر العربي الذي استسلم كما هي الحال، وكل ذلك من أجل البقاء على كراسي الحكم، لأنّ الحاكم لو أيّد القضية الفلسطينية فإنّ مكانه في الحكم يكون مهدداً ويتم عذله بسهولة، لأنه لا يوجد نظام واحد ديموقراطي أو شرعي.
على كل حال، أريد أن أسلط الضوء عما حصل في أميركا، وأريد اليوم أن أتحدّث عن زيارة المجرم والسفاح بنيامين نتنياهو الذي قتل 40 ألف طفل وامرأة في غزة وجرح حوالى المائة ألف فلسطيني ظلماً وعدواناً.
أولاً: 60 نائباً في الكونغرس، كما قلنا، قاطعوا الاحتفال احتجاجاً على ما يفعله نتنياهو المجرم بأطفال غزة.
ثانياً: الرئيسة السابقة للكونغرس السيدة نانسي بيلوسي التي أصدرت بياناً انتقدت فيه نتنياهو بشدة وتغيّبت عن الاجتماع.
ثالثاً: التظاهرات في جميع الجامعات الاميركية، ولأوّل مرّة في تاريخ أميركا تقوم تظاهرات مؤيّدة لفلسطين وضد إسرائيل، وتتهجم على رئيس الوزراء الاسرائيلي وتنتقده على قتل أطفال غزة.
رابعاً: التظاهرات الحاشدة المؤيدة لفلسطين حول الكونغرس… هذه التظاهرات التي هاجمها نتنياهو خلال إلقاء كلمته، واتهم المتظاهرين بأنهم عملاء لإيران، وهنا يحضرني سؤال لا بدّ منه… ما دام نتنياهو ضد إيران فلماذا ترك مفاعل إيران النووي كل هذه المدّة صامداً من غير أن يقصفه كما فعل في بلدان أخرى؟
خامساً: غياب كامالا هاريس نائبة الرئيس الاميركي جو بايدن والمرشحة المرتقبة للرئاسة الأميركية عن الحزب الديمقراطي، والكلام الموضوعي الحازم الذي قالته بعد لقائها نتنياهو، وختمت بأنه لم يعد بمقدورها الصمت بعد اليوم على المجازر التي تُرتكب في غزة.
سادساً: التظاهرات التي خرجت في لندن، والمؤيّدة للقضية الفلسطينية علناً، إضافة الى تظاهرات عدّة في بلدان أوروبية أخرى.
سابعاً: اقتناع دول أوروبية وغير أوروبية عدّة بالحق الفلسطيني واعترافها بدولة فلسطين، حتى ان بعض هذه الدول عمد الى طرد السفير الاسرائيلي منها. وأذكّر هنا بما أقدمت عليه جنوب أفريقيا من تقديم دعاوى ضد حرب الإبادة التي تمارسها إسرائيل في غزة، أمام محكمة العدل الدولية… والمحكمة الجنائية الدولية.
ثامناً: تغيّر الرأي العام الاميركي والأوروبي نفسه… والمثال على ذلك ما قاله ريتشارد ميدهورست الصحافي البريطاني:
«إنّ نتنياهو عند إلقاء خطابه أمام الكونغرس، كان يبدو وكأنه هتلر.
هو يقول نحن الضحايا، الاسرائيليون دائماً الضحايا.. كأنها لم تقتل المدنيين والأطفال ولم تجوّعهم، وكأنها دعاية من «حماس».
هو يقول ساعدونا في محاربة إيران، انها الشر والمسؤولة عن كل شيء، أريد التطبيع مع الخونة العرب.
كأنه يقول: أعطوني كل شيء أنا أملككم.
هذا الرجل مجنون. يقول إن الاسرائيليين لاجئون في أرضهم.. فماذا عن الفلسطينيين؟
هؤلاء الناس وحوش قتلة.. إنه وضع مسماراً في نعش أميركا وإسرائيل.
قال نتنياهو: حروبنا هي حروبكم.
كأنك ترى هتلر وهو يصدر أوامره… والعالم كله بات ينظر الى ما يقوله باشمئزاز».
تاسعاً: ما عبّرت عنه النائب الأميركية «سمر لي»، فأظهرت غضبها وعتبها على أعضاء الكونغرس الاميركي الذين استقبلوا نتنياهو بالتصفيق. وقالت:
«أشعر بالخجل من استقبال نتنياهو المجرم الذي دمّر بيوت الأبرياء في غزة، وقتل الأطفال والنساء والشيوخ وهدّم المعابد والمدارس والمستشفيات.
وهنا أتساءل: ماذا سيقول ناخبونا عنا، ناخبونا الذين قاموا بالتظاهرات ضد حرب الإبادة في غزة، والذين طالبوا بوقف الحرب فوراً وبالحرية لفلسطين؟ بالتأكيد انهم سيسخرون منا ومن مواقفنا التي تتعارض مع أبسط القيم الانسانية».
خلاصة القول: إنّ المقاومة الفلسطينية البطلة التي قام ويقوم بها أبطال «طوفان الأقصى»، غيّرت كل المفاهيم وأحيت القضية الفلسطينية، وأوضحت أمام العالم كله أحقيّة الشعب الفلسطيني المظلوم في إقامة دولته.