لم تقع الحرب العالمية الثالثة بعد، ولا أعلن زوال لبنان رسمياً كما تكهن الأستاذ عبد الباري عطوان، لكن حالة العالم تشبه حالات ما بعد الحروب الكبرى. يقول عالم الاجتماع البنغلاديشيّ محمد يونس (نوبل 2006)، إن «العالم في أزمة أكثر من أي وقت مضى. قبل الجائحة كنا نقول إننا في أزمة بسبب الاحتباس الحراري، وكل شيء آخر، ولم نكن نتخيّل أنه سوف يحل بنا ما هو أسوأ. ثم فجأة العالم يتغير وينحبس خلف الأبواب لمدة عامين ونصف، والأشغال تتوقف، والناس تفقد وظائفها، والكثيرون يفتقرون. وهذا شيء لا يصيب العالم الثالث وحده، أو الدول الفقيرة فقط، بل العالم أجمع. ثم جاءت الحرب الأوكرانية وما عدنا نرى مخلوقاً واحداً لم يتأثر بها. وسوف تزداد الأمور سوءاً أكثر فأكثر. وهناك الآن مخاوف من مجاعة عالمية، ونقص في المواد الغذائية، والتضخم المالي في كل مكان».
ليس من الضروري أن نقرأ عالماً وإنسانياً مثل محمد يونس لكي ندرك على أي حافة من مساقط العالم نعيش. يكفي سماع نشرة الأخبار، أو موجزها. والذين كانوا يحذّرون منذ ستة أشهر من أن الحرب سوف تطال مولدوفيا، كان لهم ما توقعوا أمس. وثمة 8 ملايين أوكراني في كييف بلا كهرباء. وأوروبا التي كان يُفترض أنها أغنى بقاع الأرض وأكثرها استقراراً، تعيش الآن في نقص ما بعد الحرب العالمية الثانية. والآتي أسوأ كما يحذر العارفون، مثل محمد يونس وأنطونيو غوتيريش وإيمانويل ماكرون.
شاهدت على قناة «يورو نيوز» ريبورتاجاً عن النقص في الفحم الحجري في أوروبا الشرقية. وفيه حكاية رجل في طول عملاق يقف أمام سلة فحم في حجم سلة بيض، ويقول إن هذا كل ما يملك من مؤونة لفصل الشتاء. تلاحقت أزمات العالم، كما يقول محمد يونس «مصرفي الفقراء»، على نحو كارثي، والعالم على حافة مجاعة كونية أو انفجار نووي بالمصادفة، أو بالعمد. ويوماً بعد آخر تزداد احتمالاً نبوءات هنري كيسنجر الذي وُلد وعاش في حروب العالم وكوارثه وأخطائه الدائمة.
مصدر أو مصادر الفرح الوحيد يأتي من الخليج: «أرامكو» وكرة القدم في السعودية، الاقتصاد في أبوظبي ودبي. الأزهار في عمان. الحمد لله، ولا داعي لبقية الأخبار: العراق كما هو، سوريا قلب العروبة النابض، وقلب إيران الحاني، وقلب روسيا الحميم. ولبنان يبحث عن رئيس، في كل مكان!