لئلا تصبح طاولة الحوار المنعقدة فصولاً في ساحة النجمة بديلة عن طاولة مجلس الوزراء في اتخاذ القرارات وتأمين التغطية السياسية لها، سيكون أمام رئيس الحكومة تمام سلام الكثير من العمل من أجل إعادة الروح إلى حكومته وتنشيط عملها، علماً أن لا مؤشر إلى إمكان انعقاد جلسة حكومية الاسبوع المقبل، ويبدو أن طاولة الحوار مرشحة لأن تكون حلقة الوصل بين السرايا والبرلمان وبعبدا المغيّبة عن الصورة.
كانت واضحة من قرار سلام اعلان دعوته إلى جلسة حكومية من أمام البرلمان وعلى مسافة دقائق من بدء جلسة الحوار الاولى التي يقودها رئيس المجلس نبيه بري، رغبته في التفاهم مع بري على أن تكون الجلسة منفصلة عن طاولة الحوار، وإن كانت في الواقع منبثقة من تفاهمات مسبقة على تسهيل إنجاز ملف النفايات بعدما استفحلت ارتداداته السلبية في الشارع وذهبت بالحراك المدني إلى مسارات لا علاقة لها بالملف الاساس.
ولكن، إذا كان التمهيد لإنجاح الجلسة الاولى من الحوار، ساهم في فك عقدة الحكومة لحل أزمة النفايات، فهل تنسحب التفاهمات المشار إليها على العمل الحكومي، فتتيح عودة مجلس الوزراء إلى الانعقاد في شكل دوري ومنتظم كما يفترض، أو أن العقد التي أطاحت المجلس في مرحلة سابقة لا تزال جاثمة وتلقي بثقلها على الوضع الحكومي؟
ليس في معطيات المواقف المواكبة للجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء ما يشي أن هذه العقد قد ذللت، بل بدا أن الحكومة ستكون في حاجة لدى كل قرار بالانعقاد إلى حقنة دعم من طاولة الحوار، وإلا فستكون محكومة بالتعطيل.
فلا ملف التعيين المتعلق بترقية العميد شامل روكز أنجز إخراجه، ولا ذريعة آلية العمل الحكومي التي عطلت الجلسات تم التفاهم عليها. أما مشاركة وزيري “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” في الجلسة الاخيرة، فحملت رسالة واضحة إلى رئيس الحكومة: مشاركة تكنوقراط في ملف عملي، أما المشاركة السياسية فرهن المقاربة الحكومية في التعاطي والملفات السياسية المطروحة. وعلم في هذا المجال ان هناك تقاسم أدوار يكرس هذا الواقع، فيوقع الوزيران حسين الحاج حسن والياس بو صعب المراسيم الحكومية بينها يتحفظ عن التوقيع الوزيران محمد فنيش وجبران باسيل (المصنفان في خانة الوزراء السياديين)، تعبيرا عن الموقف السياسي المتحفظ لحزبيهما عن القرارات الحكومية!
هذه المشاركة المجتزأة في الجلسة الحكومية معطوفة على مناخ تصعيدي سجل في اليومين الماضيين على هامش جلستي الحوار والحكومة، تطرح علامات استفهام على مصير الجلسات الحكومية المقبلة، ولا تشجع على التفاؤل بإمكان أن يوجه سلام اليوم الدعوة إلى الوزراء لعقد جلسة. علما أن هذا المناخ من شأنه التأثير ايضا في جلسات الحوار المقبلة، الثنائي منها بين “المستقبل” و”حزب الله”، والجماعي بين الكتل النيابية.
وأبرز هذه المعطيات تمثل بالهجوم العنيف الذي يشنه تيار “المستقبل” على “حزب الله” من جهة وعلى “التيار الوطني الحر” من جهة أخرى، وتمثل أخيرا في الاستجواب المقدم من نواب في “التيار” ضد الوزير جبران باسيل حول ملف الكهرباء ومسؤوليته في “إهدار” 700 مليون دولار، على ما جاء في الاستجواب.
تضاف إلى ذلك، الجبهة المشتعلة المفتوحة أخيرا بين وزير المال علي حسن خليل ووزير الطاقة أرتيور نظاريان على خلفية ملف الطاقة أيضاً، علما ان الموضوع لا يعدو كونه من الدمل المتراكمة في المواجهة القائمة منذ زمن بين “امل” وبين “التيار الوطني الحر”.
في أي حال، يبقى مصير الجلسة الحكومية هذا الاسبوع رهن صمود التفاهم الذي جرى الاسبوع الماضي وأدى إلى إخراج ملف النفايات من عنق الازمة، علما ان الجلسة السابقة خصصت حصرا لهذا الملف، ولم تلامس المواضيع الخلافية الاخرى التي كانت سببا في تعليق الجلسات وابرزها مسألة ترقية العميد روكز ضمن سلة ترقيات وآلية العمل الحكومي.
وفي حين تستبعد مصادر مطلعة ان يوجه سلام الدعوة اليوم الى جلسة، تؤكد ان إمكان عقد جلسة الاسبوع المقبل سيكون رهنا بملف النفايات. إذ يمكن ان يدعو سلام الى جلسة إذا اقتضى هذا الملف استكمال البحث في شأنه، وفقاً للتفاهم بين الرئيسين بري وسلام على هذا الموضوع.