IMLebanon

هل تؤسس «فيدرالية النفايات» لـ«صيغة جديدة»؟

سيناريوهات لإعادة تكوين السلطة

هل تؤسس «فيدرالية النفايات» لـ«صيغة جديدة»؟

يتفق معظم السياسيين والناشطين في الشأن العام على أن المنطقة العربية عموماً ستشهد تغييرات كبيرة، كي لا يُقال جذرية، حين تضع كل الحروب نقاطها الأخيرة على سطر التوافقات.

جاء كلام مدير المخابرات الفرنسية برنار باجوليه ومدير المخابرات الأميركية «سي آي إيه» جون برينان ليؤكد المؤكد: «الشرق الاوسط الذي نعرفه انتهى الى غير رجعة». لم يخصّص الرجلان لبنان بمواقف وتحليلات وقراءات. إلا أن الأوساط السياسية تتداول في كواليسها سيناريوهات متعدّدة لمخارج الأزمة في لبنان. ذهب بعضهم الى وضع تصورات، داخل لبنان وخارجه، لتكوين السلطة وحصص الطوائف فيها وصولاً الى استحداث مناصب ومواقع جديدة.

لكن في الواقع، لا أحد يملك معلومات أو تصورات دقيقة لكيفية خروج لبنان من أزماته المتشعبة. يقول سياسي مخضرم «اشتدّي أزمة تنفرجي. وبعد الدرك الذي وصلنا اليه في موضوع النفايات وبسببه، نتمنى أن يكون في اسباب الازمة مداخل لحلها».

يشرح السياسي «أن التقسيم المناطقي والطوائفي للنفايات، فرض لامركزية موسّعة في قضية اسمها على مسمّاها. وقد يكون في ذلك نهج يجب اعتماده وتوسيعه ليطال قضايا حيوية وحياتية ووطنية كثيرة. لا يتضمن هذا الكلام أي مضامين تقسيمية. على العكس تماماً. فاللبنانيون متفقون على تحلل الدولة المركزية وضعف قدراتها وغياب هيبتها. فلماذا ندع التآكل ينهشها ويقضي عليها، عوض أن نوّزع هذه القدرات على سلطات محلية تحسن إدارتها وتعيد إليها الهيبة والقوة والقدرة على الإنجاز والتنفيذ؟». يضيف السياسي «أنا من جيل نشأ على مركزية الدولة وسلطتها القوية وكل كلام معاكس كنا نعتبره تقسيماً وندينه. جرّبنا الوحدة الضعيفة ولم تودِ بنا إلا الى الاحتراب والاقتتال، فلمَ لا نجرّب توزيع السلطة وتوسيعها لاستعادتها وبسطها على كل الأراضي اللبنانية؟».

يتحفظ أحد السياسيين الحزبيين المسيحيين على النقاش في اي موضوع قد يُفهم منه إحياء لفكرة الفدرالية «نحن في أزمات كثيرة ولا نحتاج الى قضية جديدة تثير زوبعة الخلافات. الأكيد أن صيغة الحكم الحالية لم تعد صالحة، بدليل الأزمات التي نتخبط فيها من أصغر تفصيل في تسيير شؤون الدولة كالماء والكهرباء والنفايات والرواتب، الى تداول السلطة والانتخابات بمفهومها الديموقراطي العميق. لكن يفترض أن نحدد أولوياتنا. لا يمكن أن نبحث بديكور المنزل فيما المنزل نفسه ينهار ويتداعى. بالتالي علينا تصويب الأمور عبر انتخاب رئيس للجمهورية اولاً، وإعادة إنتاج كامل السلطة عبر مجلس وزراء من التكنوقراط يُجري انتخابات نيابية تضخّ وجوهاً جديدة في الندوة البرلمانية. وبعدها يمكن التوافق على صيغة حكم للبلد تمنع تكرار أزماته أو تجعله ورقة ضعيفة دائماً في مهب الأطماع والحاجات والرغبات الخارجية. وكل ما سوى ذلك كلام لا يوصل الى اي أفق».

في المقابل يتمنّى مسؤول في حزب مسيحي آخر أن تتم اليوم مناقشة «الصيغة الأمثل لإصلاح النظام السياسي في لبنان، والأفضل أن يُبادر اللبنانيون الى القيام بذلك. فهم إنْ لم يفعلوا فإن التسويات الآتية، مهما طالت، ستفرض عليهم نظاماً مختلفاً لإدارة خلافاتهم وصراعاتهم. وقد يكون ضعف الدولة ووهنها في مقابل حدّ مقبول جداً من رغبة اللبنانيين الحقيقية في العيش معاً والمشاركة، مدخلاً لبناء العمارة اللبنانية الجديدة على أسس أكثر متانة. لا داعي للخوف من كلمة فدرالية. فهي ليست تقسيماً ولا مدخلاً لبناء كونفدراليات، سواء مناطقية أو طائفية. مع ذلك، وبعيداً عن الدخول في شرح معاني الكلمات والاستشهاد بتجارب من هنا وهناك، يجب ألا نخاف اليوم من فتح باب النقاش في نظامنا السياسي بكامله. لبنان لا يحتمل ثورة ولكنه يحتاج الى تغيير جذري وبنيوي. فلم لا نستفيد من كل ما يجري في المنطقة ونطرح تصوراً عقلانياً يجمع ما بين اختلافاتنا وحساسياتنا وبين ضمان استمرار البلد؟».