سواءٌ جرت الانتخابات الطالبية في الجامعة اللبنانية في 8 نيسان المقبل، أو سارت الرياح عكس ما تشتهي سُفن الطلّاب، لن يكون ما بعد هذا التاريخ كما قبله. فبَعد 8 سنوات من منعِ الانتخابات خوفاً من «ضربة كفّ»، عِلماً أنّها تُنجَز على نحو طبيعي في الجامعات الخاصة، بات لدى الطلّاب قناعة مطلَقة بأنّ «الكفّ» لا يأتي إلّا مِن المعنيّين، الذين يُغدقون على الوطن «كفوفاً» على مختلف المستويات، من الفراغ الرئاسي، إلى الشلل المؤسساتي، وفضيحة النفايات. ماذا في جعبة أبرز الأحزاب في «اللبنانية»؟ ما هي السيناريوهات المحتملة؟ إليكم هذه الجولة لـ»الجمهورية».
نقمةٌ، تملمُل، خشية… أمواج من نوع آخر، تُلاطِم نفوسَ طلّاب أهمّ صَرح تربوي لبناني، أي الجامعة اللبنانية. إذ نتيجة عدم صدور مذكّرة إدارية تؤكّد موعد 8 نيسان المنتظر، بدأ منسوب الشكّ يرتفع في صفوف الطلاب، لا سيّما المحازبين بينهم. لذلك يكثّفون لقاءاتهم أكثر من أيّ وقت مضى، يُوحّدون كلمتهم، يَدرسون خطواتهم، والنتيجة «إلى التصعيد دُر»، ما لم تحصل الانتخابات.
«القوات»: لا للفراغ
يَعتبر رئيس دائرة الجامعة اللبنانية في مصلحة طلاب «القوات اللبنانية» شربل خوري، «أنّ كلّ ما تمّ التداول به لا يتجاوز الكلام الإعلامي، تحديداً في حديث إذاعي لرئيس الجامعة عدنان السيّد حسين، لكن فعلياً ما مِن قرار واضح». ويشدّد على أنّ «الانتخابات ضرورة، فلا يمكن تعميم ثقافة
الفراغ في المؤسسات وفي «اللبنانية»، هذا الصرح الوطني الذي فيه يتدرّب الطلاب على الروح الديموقراطية بالممارسة وليس بالتنظير».
على رغم عدم تلمُسّهم جدّيةً في المضيّ قدُماً بالانتخابات في نيسان، يؤكد خوري «أنّ «القوات» لطالما كانت مستعدّة طوال الأعوام التي لم نشهد فيها أيّ انتخابات، فكيف بالحريّ اليوم، فالأرضية في جهوزية تامة». ويسأل بنبرة حاسمة: «هل تلميذ «اللبنانية» فئة ثانية، فيما طالب «الخاصة» فئة أولى؟ لا حاجة للتذرّع بحجَج واهية، أي كلّية تشهد مشكلة تتحمّل هي تداعيات الإشكالات التي قد تحصل».
«الوطني الحر»: مِن سابع المستحيلات
ينطلق مسؤول الجامعات في قطاع الشباب في «التيار الوطني الحر» جورج بويري من اعتبار «الجامعة اللبنانية نبعَ التحرّكات الطالبية طيلة السنوات الماضية»، معرباً عن أسَفه لعدم التعامل الجدّي مع موعد 8 نيسان، «ففِعلياً يبدو صعباً لا بل مستحيلاً إجراؤها في هذا الموعد، طالما لم يتمّ تعميمُه، فالوقت داهمَ المعنيين بالإجراءات اللوجستية؛ من دعوةِ الهيئات الناخبة، إلى إعداد اللجان والمراقبة، وغيرِها من الخطوات، لذا ننتظر ردّة فِعل مجلس الجامعة والرئيس قبل فوات الأوان».
في هذا السياق، يثني بويري على التقارب العوني – القواتي بين الشباب: «لقد ساعَد التقارب السياسي ولا سيّما في الفروع الثانية، حيث الثقل المسيحي، على ضبط الأجواء المتشنّجة».
وعمّا إذا سيقود هذا التقارب إلى لوائح انتخابية مشتركة، يوضح: «نفكّر جدّياً في هذه المسألة، لا شيء فعلياً ملموس، لكلّ فرع أو كلّية خصوصية، فحيث بوسعِنا تجنيب الكلّية معركة انتخابية سنُجنّبها، سنشجّع اللوائح المشتركة، وفي كلّيات سنخوض المعركة بديموقراطية، وهذا الأمر متّفَق عليه».
«أمل»: الجامعة «عَم تمثِّل علينا»
يجد مسؤول الطلاب الجامعيين المركزي في حركة «أمل» محمد عيسى، في تغييب الانتخابات، «تقييداً لصوت الطالب ومنعاً لتدرّبِه على استلام زمام الأمور، فاللجنة التي خصّصها مجلس الجامعة لدرس موضوع المهَل، وضبط الآليات، لم يَصدر عنها شيء، بل تأجّلَ القرار حتى الأسبوع المقبل، وكأنهم يحاولون رَميَ الكرة في ملعب الطلاب مجدّداً». ويضيف: «علماً أنّنا جميعاً سبقَ ووافقنا عام 2012 على اعتماد القانون النسبي ووقّعناه، لذا بتقديري، الجامعة «عَم تمثّل علينا»…».
وردّاً على سؤال، لماذا إدارة الجامعة قد لا ترغَب في إجراء الانتخابات؟ يجيب: «أعتقد لكي لا يكون للطلاب تأثير على قرارات العمادة، أو في مجلس الجامعة، بذلك يتحرّرون من أيّ قيد».
ولدى استفسارنا عن إمكانية أن تكون الإشكالات بين طلّاب حركة «أمل» و«حزب الله»، من مسبّبات تأخير الانتخابات، يوضح: «لا مشكلات مع الإخوان في الحزب، ولا مع أيّ تيار آخر، ما يَحدث مجرّد إشكال فردي، ولكن مع اقتراب الانتخابات بعض وسائل الإعلام يسعى لربطها بهذا الاستحقاق. على العكس، الاجتماعات مع الحزب متواصلة لدرس الخطوات في حال «تطيير الانتخابات».
«الكتائب»: العمل السياسي أهمّ
«في ليلة ما فيها ضَو قمر يَصدر قرار بإجراء الانتخابات ثمّ يُلغى، ثمّ يُعدّل، من دون أن نَعرف الأسباب». بنبرة لا تَخلو من الاستغراب يتحدّث رئيس دائرة الجامعة اللبنانية في حزب الكتائب فادي عبد النور، عن خشيتهم من إضاعة الفرصة للعام التاسع على التوالي وحِرمان الطلّاب التعبير عن موقفهم. ويقول متأسّفاً: «كلّما علا صوت الشباب، يَرمون «فتّيشة» محدّدة حتى تهدأ الأوضاع، فكيف يمكن للانتخابات أن تحصل في 8 نيسان وهناك تفاصيل جمّة لم يُبتّ بها».
ويذهب عبد النور أبعدَ من الاستحقاق في نيسان، مطالباً بإعادة إحياء العمل السياسي في الجامعة، «فكيف نخوض الانتخابات من دون الحديث عن برامجنا والخوض في نقاشات؟».
وبقدر تمسّكِ الكتائبيين بهذا الاستحقاق، فهم حريصون على سِلميته، «كمنظمات شبابية اجتمَعنا وتَعهّدنا رفعَ الغطاء عن كلّ شخص يخلّ بالأمن في وقت الانتخابات، واتّفقنا على سِلمية الأجواء».
«المستقبل»: ربط الانتخابات بالتمديد!
من جهته، يؤكّد منسّق الجامعة اللبنانية في قطاع الشباب في تيار «المستقبل» بلال المير، «إنّ الامور لا تزال غير واضحة، ضبابية، متّجهة إلى المجهول»، منتقِداً كيف «أنّ رئاسة الجامعة تعطي الاستحقاق حجماً أكبرَ ممّا يستحق، وكأنّ التمديد النيابي أثّرَ على استحقاق الطلاب، وكذلك الانتخابات البلدية، وهنا المشكلة الأعظم، ربط استحقاق جامعي باستحقاقات وطنية، ما يؤكّد الرغبة الباطنية في عدم إجرائها».
ويضيف مستغرباً: «تُجري الجامعات الخاصة استحقاقاتها بهدوء وفي مواعيد محدّدة لا حسابات خارجية لها، لذا لا مفرَّ من الإعداد لخطوات تصعيدية، فاللجنة المكلّفة بمتابعة القضية، سواءٌ أجريَت الانتخابات أو لا، ستَدرس الخطوات اللاحقة».
«التقدمي»: خَلل في النوايا
«ما يَحصل يُعتبَر بمثابة قتلٍ ممنهج للجامعة، لذا في حال لم تتمّ العملية الانتخابية، سنتّجه إلى التحرّكات ولن نترك الامور». بنبرةٍ حاسمة يتحدّث أمين عام منظمة الشباب التقدمي سلام عبد الصمد ، مؤكّداً «أنّ العمل لا يستقيم إلّا بإعادة الانتخابات الطالبية، وإعادة الحياة الديموقراطية إلى الجامعة»، متمسّكاً بقانون النسبية.
ويَعتبر عبد الصمد أنّه في حال تعذّرَ «إجراء الانتخابات كاملةً، نظراً للخلاف على نقطة تشكيل الاتّحاد الوطني للطلّاب وهوية من يَرأسه، نؤكّد ضرورة وضعِ النقاط الخلافية جانباً، والحِرص على إجراء المرحلة الأولى من الانتخابات، أي في كلّ الكلّيات».
ويلفت إلى أنّ «ما يتمّ التداول به مجرّد إبرةِ مورفين للقوى الشبابية»، مؤكداً أنّ «الخَلل في نوايا الجامعة اللبنانية، وفي حال وُجدَت الإرادة لإجراء الاستحقاق في موعده، «مِش هالعقدة»، ومِش هالقصّة»، يمكن من خلال ورشة عمل للأساتذة والمعنيين بتنظيم الانتخابات، توزيع الأدوار، أمّا بالنسبة إلى اللوائح فهي واضحة، والمرشّحون معروفون».
الجامعة توضح
في موازاة ذلك، يؤكّد مصدر مسؤول في «اللبنانية»، «أنّ الإدارة حريصة على الاستحقاق، واللجنة المكلّفة بمتابعة الانتخابات تجتمع دوريّاً على نحو مكثّف».
وردّاً على اعتبار أنّ الوقت قد فات لتحديد موعد، ردَّ المصدر: «العملية لا تَستلزم إجراءات وزارة الداخلية، العملية أقلّ تعقيداً»، مشيراً إلى «أنّ الجامعة ورئاستَها أوّل من أطلقا الموعدَ المبدئي، نَستغرب كيف بات الطلّاب على عجَلة من أمرهم، ففي الآونة الأخيرة بَردت مطالبتهم، على أيّ حال «أسبوع بالزايد أو أسبوعين لا يلغي الاستحقاق».