Site icon IMLebanon

أنترحّم على أيّام الاستعمار؟

 

 

يبدو أن للشعب وحده أن يدفع كلفة التدهور الاقتصادي قبل المالي… وإذا كان للمالية أن تتحسن ببعض السيولة أمام شح الدولار، فإن تحريك الاقتصاد لا يبدو ممكناً في الأفق المنظور، بل يبدو تراجعه أكيداً.

 

هذا مدعاة للتساؤل: كيف لا يجتمع لبناني بآخر من دون الكلام عن الليرة والدولار، فيما ترى المسؤولين والسياسيين… صامتين. وإذا كان لهم أن يتكلموا، فلتحميل مسؤولية الأزمة للفريق المقابل. وإذا أعياهم الكلام، أو توزيع التهم، تراهم يُلقونه على العدو الذي ينتظرنا دوماً: “المؤامرة”.

 

هكذا يبدو المسؤولون والسياسيون… هادئين، عدا انهم يريدون الخروج من الأزمة بأقل كلفة سياسية.

 

هناك مُنتظَر وحيد في هذا المشهد السوريالي: برامج “سيدر”، التي لها أن تضخ مالاً في القساطل الجافة، وتُحرك سياسات استثمارية معطلة. فيما يترقبُها الوزير والسياسي طمعاً ببعض عوائدها، بين مال وارتزاق وانتفاع.

 

ينتظرون تصيّد أي اموال لها أن تأتي من هذه الحكومة الغربية أو تلك: تصيّدُها بمعنى اقتطاع حصص منها، في إدارتها.

 

لهذا نحن أمام تفسيرات مختلفة:

 

معالجة الأزمة بالكلام والخطابات وحدها، ما دام أن أهل الحكم حموا أموالهم بعملات أجنبية، وفي مصارف خارج لبنان.

 

أو التأزيم الشديد، من دون إظهاره، وصولاً إلى… الانهيار، إلى… الفراغ الذي لأصحاب التنبؤات والقوى “النظيفة” أن تتكفل بإدارته.

 

أو التفسير السوريالي: في انتظار…. غودو.

 

لا أحد يقوى على استبيان مآل الأزمة. الأكيد هو تفاقمها الشديد، والبعيد.

 

هذا كله لا يعني: إسقاط “العهد”، ولا إسقاط “الحكومة”، مثلما يرفع المتظاهرون مطالبهم في الشوارع، وإنما يعني أن في هذا البلد: “دولة فاشلة”، بالمعنى الفعلي والقانوني والسياسي.

 

والفشل يشمل القوى السياسية الحاكمة (وإن بمقادير). كما يعني أن أوجه السياسة المختلفة اجتمعت لحصول هذه الكارثة منذ “اتفاق الطائف”. فلا يكفي تحييد جهة، أو سياسة ما، من هذه التركة المتراكمة.

 

يبقى السؤال: كيف يمكن أن نضع الدولة اللبنانية تحت “مراقبة دولية”، فتُدار شؤونها، هي المتهمة بالفشل الذريع والتام؟

 

قرأت، بعد الانتهاء من هذا المقال، أن عشرين دولة عربية… فاشلة، وفق المعايير السياسية الدولية. هذا يدعو إلى السؤال: ماذا فعلنا بالاستقلالات؟ أبات علينا أن نترحم على أيام الاستعمار؟ أعلينا ان نطالب بعودته كي تكون لنا دول؟ أعلينا انتظار مثل هذه الدولة من جديد كي ننعم بالأمان: على أمننا، واقتصادنا، وجيوبنا، وعقولنا، وحرياتنا الفردية والعامة؟!