الآن وقعت الواقعة… واللعب بمصير البلد حقّق أهداف أصحابه، وقال بعضهم إن ما أراده تحقق، جيّد! وماذا بعد؟ فعلاً لقد تحقق ما أُريد للبنان من ضرر بإستثناء:
أوّلاً – إذا كان المقصود إظهار لبنان في موقع الضعيف العاجز عن استضافة قمّة عربية. فهذا لم يتحقق فالمشاركون من أمين عام جامعة الدول العربية أو سائر رؤساء وأعضاء الوفود قد شهدوا لهذا الوطن بالقدرة على التنظيم المثالي، وحسن الوفادة، والحرص على راحة الضيوف. وقد عبّروا، جميعاً، عن هذه المشاعر في الكلمات الافتتاحية التي ألقاها وزراء خارجية الدول العربية.
ثانياً – وإذا كان المقصود إظهار رئاسة اصلجمهورية معزولة عربياً، فهذا أيضاً لم يحصل. بدليل أن رؤساء الوفود قاطبة نقلوا الى الرئيس ميشال عون رسائل الود والصداقة والحرص على التواصل معه، وبعضهم نقل دعوات ملكية ورئاسية الى رئيس الجمهورية.
ثالثاً – الهدف الأول كان منع إقامة القمة… وهذه أمنيات فشلت. فالقمة عُقدت، في منأى عن مستوى التمثيل فيها. وأعمالها استمرت تمهيداً وتحضيراً منذ يوم الخميس الماضي وهي مستمرة اليوم، وتستمر الى جلستها الختامية وإصدار مقرراتها يوم غد الأحد.
أمّا الضرر الذي حققوه للبنان فهو غير قليل:
أولاً – يجب الاعتراف بأنّ مستوى الحضور لم يكن في الحسبان وإن كان معروفاً، سلفاً، أنّ ملوكاً ورؤساء لا يتوجهون الى القمم أساساً. ومعروف أيضاً أن قمماً عربية تعقد في غياب الكثيرين من القادة… وقمة سابقة في مصر لم يحضرها سوى أربعة قادة من أصل 22 أي في غياب 18 ملكاً ورئيساً. ولكن هذا لا يلغي حقيقة أن مستوى التمثيل في القمة ليس في مصلحة لبنان.
ثانياً – ولكنه ليس في مصلحة أحد خصوصاً الذين تسببوا في هذه الإساءة الكبيرة … ومن اطلع على المحادثات الهامشية بين الوفود، أدرك بداهة أن «الفعلة» التي أقدموا عليها لم تحسب لهم بل عليهم (…) ولن ندخل في مزيد من التفاصيل.
ثالثاً – الأهم من ذلك كلّه أنّ الضرر الأكبر هو في الشرخ الذي أوجدوه في ما بين اللبنانيين… وحده الجاهل أو المتجاهل لا يتوقف أمام ما تعرّض له الصف الوطني من سلبيات جراء تداعيات اللعب بالنار الذي مورس على فريق مسيحي عمل جاهداً (ومنذ اليوم الأوّل لتأطيره حزبياً) على القفز فوق الخلافات الطائفية والمذهبية، ونجح في بناء «تفاهم» وصف، في حينه، بأنه يتجاوز المألوف التاريخي في لبنان.
رابعاً – إن الشرخ الذي نجحت هذه «الفعلة» في إقامته بين اللبنانيين هو الأشدّ ضراوة… ويكفي الاستماع الى نبض الشارع المسيحي في المناطق كافة، وكائناً من تكون المرجعيات السياسية التي ينتمي إليها، ليتبين المدى البعيد جداً للغضب خصوصاً للندم!